اليوم يوم السعودية الوطني. اليوم عيد ميلاد الفاتنة. حماها الله من أعدائها ومن دراويشها المهووسين الذين يتصوّرونها ويصوّرونها "دولة لا قضية فيها إلا قضية الاختلاط".

Ad

فنقرأ في موقع للمتدروشين المهووسين بالجنس "صاحب محل ملابس داخلية نسائية في منطقة الجوف يعرض بضاعته على الواجهة... الله يسترنا بستره"، ومرفق مع الخبر صورة لبعض الملابس النسائية الخارجية لا الداخلية، وتحت الصورة والخبر خذ التعليقات المهووسة: "أخزاه الله هذا المنحرف / الله يستر على حريمنا / عندما يتم الاستهتار بأعراضنا إلى هذه الدرجة فلا تستبعدون قيام القيامة / أين الهيئة والشرفاء على أعراض هذه الأمة من هذا المنحل المنحرف التغريبي؟..."، هؤلاء هم بقايا المهووسين، الذين يجب أن نتعامل معهم كما نتعامل مع بقايا الطعام.

وجاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وفتح الباب للنساء الراغبات في المساهمة في بناء البلد، وأسس "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا" وهي جامعة مختلطة، ولم تتساقط جدران الرياض ولم تتهاوَ بيوت جدة ولا احترقت مزارع الأحساء... ولم يتوقف الملك عند هذا، وهو الذي يعلم أن البناء يحتاج أولاً إلى إزالة الركام، وأن التغيير لا يتم هكذا بطرقعة أصبع، لذا أصدر أوامره بقصر الإفتاء على المختصين، فخرست بعض الألسن التي أساءت إلى الإسلام أكثر من القس الأميركي الحقير الذي أراد حرق القرآن. وقد قرأ بعضنا آخر استهبالات المفتين الزعاطيط الباحثين عن الشهرة: "السؤال، ما حكم قتل الذباب بالصاعق الكهربائي الذي انتشر في المساجد؟ الجواب، حرام ويُفضّل قتله بالفليت" أي والله! والمفتي مدرس في المدرسة الابتدائية، وخطيب احتياطي في مدينة شقراء كما يعرّف نفسه. وقرأنا أيضاً: "السؤال، ما حكم ارتداء المرأة (الكت) والتنورة القصيرة بين النساء؟ الجواب، الكت الذي هو قميص بأكمام قصيرة، وكذلك التنورة القصيرة، يُحرم ارتداؤهما على المرأة حتى وهي بين النساء".

ومن يقرأ فتاوى هؤلاء الزعاطيط، يظن أن السعوديين ما إن تطأ أقدامهم أرض دولة حتى يتسابقوا على فاترينات المحلات النسائية، وهات يا لحس وتقبيل الزجاج ليطفئوا شهوتهم وشبقهم... ما هذا العته الذي سيطر على عقول الدراويش.

خلاص، اكتشف الناس ألاعيب الزعاطيط هؤلاء فوبّخوهم وسخروا منهم، وها هي المملكة ترتدي ثياب الليبرالية العاقلة، لتخرج لنا السعودية كما يتمنى محبّوها، سعودية المشايخ الفضلاء الذين يرفعون الدين وينزّهونه عن عبث العابثين... سعودية الأدباء وعمالقة الاقتصاد وعباقرة الفن والطب والهندسة والعلوم، سعودية عبدالرحمن الراشد وتركي الحمد ويوسف المحيميد وعبده خال وزميلي اللذيذ في هذه الجريدة خلف الحربي، الذي يشعرك أن المبدع المصري المرحوم محمد عفيفي لم يمت، وآخرين... سعودية الصعلوك الرائع الكاتب الشاعر محمد الرطيّان، الذي يؤكد ما قلته سابقاً "يجب ألا يكتب في الصحف إلا شاعر، فإن لم يكن فعاشق للشعر، فإن لم يكن فمتذوق له، وذلك أضعف الإبداع"، وأنا هنا أستعين ببلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو رسولي كما هو رسول المتدروشين الذين يريدون احتكاره والتحدث باسمه لشتم خصومهم ولعنهم.

السعودية اليوم... بلد تفرّغ لزراعة حديقة منزله لا للعبث بحدائق الآخرين وبساتينهم، كما يفعل بعض الجيران. ولو كانت السعودية امرأة لكانت فاتنة، ولتزاحمنا على مراقصتها في عيد ميلادها.

سعادة السفير الدكتور عبدالعزيز الفايز... كل عام والسعودية بروعة ورقيّ، وعقبال إلغاء منصبك، لنتوحد كخليجيين في سياستنا الخارجية والمالية والعسكرية... قل: "آمين".