كلما حان موعد زيارتي لك سهرت كمن يكابد وجداً، وأقلقني موعد لقائنا كأول العشق. في كل مرة أجد نفسي بين أحضانك لا أفكر في اللحظة التي أعيشها فيك قدر تفكيري في اللحظة التي سيكون علي فراقك فيها. لي فيك كما للآخرين سكن جميل وعشق بريء ولي فيك براءتي وخطاياي، ولم يعد لي كالآخرين فيك أحلام سوى أن أموت بين يديك، أن تكوني آخر أرض وآخر سماء أراها قبل الوداع الأخير.اعذريني أن أزورك في كل مرة خاوي اليدين إلا من شوقي ولهفتي لوجوه أحبابي الأحياء وحزني على أصدقائي الراحلين عنك إلى خلايا ذكرياتي، اعذريني إن أنا جئت وليس في قبضتي حفنة ألوان فأمنح بحرك زرقته وصحراءك خضرتها، اعذريني فليس في إمكان منديلي الصغير أن يجفف كل هذه الدموع عن وجنتيك، وليس بإمكان صمتي أن يسكت هذا الصخب الذي يدور فيك، ولكنك تعلمين كم أحبك.
نعم يضايقني وربما يضايقك أيضاً أن أزورك كغريب وأتركك كغريب، ويكفيني الآن أن بإمكاني رؤية صفاء عينيك وبهاء قلبك، ورغم فراقنا المرير والطويل ووصلنا المتقطع وأنك حافظت على ذكرياتي فيك لقد تغيرت كثيراً وتبدلت فيك مواقع واندثرت عنك منازل بقيت صورها لم تتغير في ذهني، ولكنك أنت وكما أحببتك أول مرة رائعة ودافئة وحنونة.سأعترف لك الآن أنك أجمل حب وأروع قلب وكلما تضاءلت أحلامي وانعدم طمعي فيك كبر حبك في داخلي وتمكنت مني أكثر، وكلما تقدم بي العمر تقدم بي الحب حتى تماهى وكياني. كلما تقدم بي العمر تمكنت مني صوري القديمة فيك، أرى وقع أول خطوة لي على رمالك وأول حرف خططته في فصل صغير بمدرسة ابن الهيثم، أرى مكتبتي الأولى لا تضم سوى روايتين لمحمد عبدالحليم عبدالله وديوان جميل بثينة، أرى الطريق الذي أقطعه يافعاً بين عشيشنا والمدرسة الحمراء، أسمع أول نبض لقلبي حين رأيت فتاة لا أعرفها ولم أحدثها حتى يومنا هذا، وأسميتها رغماً عنها حبي الأول. أرى فيك أول كل شيء جميل في حياتي وأرى حتى غضبي عليك وثورتي في وجهك مرات كثيرة غضباً جميلاً، أرى فيك كل أحلامي الصغيرة التي تلاشت والتي تحققت. أرى فيك أول أمسية ألقيت فيها كلاماً لأقول لك أحبك وصدى صوتك الذي لم يسمعه أحد غيري. أسأل نفسي أحياناً أي قدرة لك على استلابي. وأي عنف لحبك ليتمكن مني فتفشل كل بقاع الأرض في انتزاعي منك حتى لو أردت أنا ذلك. أي سلطة لك فتتمكني من حاضري ومستقبلي كما تمكنت من تاريخي الصغير. أي سحر فيك تعجز عواصم الأرض عن فك طلاسمه، لماذا ليس بإمكاني أن أكون أنا إلا بك وفيك ومن خلالك؟ لماذا جعلت مني كاذباً في نظر البعض حين أقول أحبك وحين أقسم أنني أحبك؟حين أراك اليوم لا تخبري عاذلاً ما قلت لك ولا تستمعي لواش يقول إنني نسيتك يوماً ولا تصدقي بلدة تخبرك أنني الآن لها. سأفتح لك صدري لأراك فيه، وأفتح صدرك لأراني فيه. يا أول حب يا وطني. سلام عليك وأنا فيك وسلام عليك وأنا بعيد عنك، سلام عليك.
توابل - مزاج
يا أول حب
17-10-2010