أتاح الدستور للسلطة النيابية تميزا على السلطة التنفيذية، حيث الحكومة لا يشكلها المجلس لكنه أعطى الحق لنائب واحد أن يكون معارضا ليقدم استجواباً للوزير المختص أو لرئيس الحكومة حيث النائب بمثيل الأمة، لكن هذه السلطة الفردية للنائب قد تكون مصدر الخلل في العمل البرلماني.

Ad

يعني مصطلح «المعارضة» في الاسخدام «أن أي جماعة أو مجموعة أفراد يختلفون مع الحكومة على أساس ثابت وطويل الأمد»، ولو أن المصطلح يمكن أن يصف المعارضة المتعلقة بالقضايا في إطار تشريع واحد أو اقتراح سياسة. ويطبق المصطلح على نحو أكثر تحديدا على «الأحزابالتي تختلف مع الحكومة، في المجلس النيابي، وترغب في الحلول محلها».

وغالبا ما تمارس المعارضة في الإطار الشرعي وضمن المؤسسات النيابية، ففي بريطانيا العظمى يتيح التشريع الرسمي في الدولة للمعارضة ممارسة نشاطها بملء حريتها، غير أن المعارضة قد ترفض أحيانا النظام السياسي القائم، فتتمرد عليه مما يضفي عليها طابع التطرف، وخلاصة القول تضم المعارضة الأشخاص والجماعات والأحزاب، التي تكون مناوئة، كليا أو جزئيا، لسياسة الحكومة.

إذن مصطلح المعارضة مقترن بالأحزاب السياسية أو أي مجموعات أخرى تعارض الحكومة، وهي أيضا مجموعة سياسية أو حزب وتختلف درجة المعارضة من بلد إلى آخر ومن نظام سياسي إلى آخر، وعلى العموم قد تكون المعارضة ممنوعة أو مرحباً بها في بعض البلدان، أما في الدول النامية فقد تتحول المعارضة السياسية إلى معارضة متطرفة قد تتدهور الأمور فيها لتصل إلى ما يسمى حرباً أهلية، والشواهد كثيرة على ذلك في المحيط الإقليمي والعالمي.

بعد هذه المقدمة يتبين لنا أن المعارضة السياسية يمكنها العيش في ظل الأنظمة الديمقراطية، بل تساهم بشكل كبير في تحسين الظروف الحياتية للمواطنين من خلال لفت انتباه الحكومات لبعض مواقع الخلل ومعالجتها، وبما أننا في دولة الكويت فقد أتاح فيها الدستور للسلطة النيابية تميزا على السلطة التنفيذية، في حالة قد تكون فريدة، حيث الحكومة لا يشكلها المجلس لكنه أعطى الحق لنائب واحد أن يكون معارضا ليقدم استجواباً للوزير المختص أو لرئيس الحكومة حيث النائب بمثيل الأمة.

هذه السلطة الفردية للنائب قد تكون مصدر الخلل في العمل البرلماني كون المحاسبة الشعبية تأتي من فرد وليس من كتلة أو حزب، لذا تجد ذلك قد ينعكس سلبا على نوعية المعارضة داخل المؤسسة البرلمانية من خلال الشخصانية في بعض الأحيان، بل قد تكون سببا في الفساد والابتزاز من قبل النائب نفسه والأطراف الأخرى، فيظهر مشهد تسجيل المواقف «مع» أو «ضد» لجني الثمار الشخصية.

هذا الخلل أدركته الحكومة الحالية وقررت المواجهة حتى لو كان المقصود شخص سمو الرئيس، لتقلب المعادلة في تطور لافت، حيث كانت في السابق تلجأ إلى التدوير أو إقالة الوزير المعني بالاستجواب، كما قد يبلغ الأمر في بعض الأوقات استقالة الحكومة أو رفع كتاب عدم التعاون، كما كان خيار المواجهة مرهوناً بنوعية الاستجواب ومزاجية النواب وتماسك الحكومة.

في المقابل فقدت المعارضة الكثير من بريقها، حيث أدرك النائب ضعف قدرته على إحداث التغيير داخل قبة عبدالله السالم، لذلك توجه للشارع كنوع من الضغط وكورقة يرد بها على الحكومة.

أخيرا مشاهد المعارضة قد تختلف من بلد لآخر، لكن ما نتمناه أن يعي المعارضون الخط الفاصل بين المعارضة السياسية المشروعة والمعارضة المتطرفة، وأن تقبل الحكومة بالنوع الأول.

ودمتم سالمين.