آخر وطن: إدارة الشجارات

نشر في 03-09-2010
آخر تحديث 03-09-2010 | 00:00
 مسفر الدوسري إنه ملح الحياة...

إنه التمرد على نسيج الرتابة المشوّك الآخذ في التمدد حول رئة كل منّا.

هو قص النبتات الشيطانية التي تنسل بين شجيراتنا الطيبّة لتنقض على عنقها ليلاً!!

هو الفتحة في أعلى أواني الضغط لتمنعها من ألا تكون براكين تسيل بحممها في طريق الزهور!!

إنه الشجار...

أقصد ذلك النوع من الشجارات التي تنقذنا من بشاعتنا!

تمنعنا من ارتكاب حماقات سنندم عليها كثيراً

تلك الشجارات تمسح عن وجه حماقاتنا الغباء وتمنحه براءة الطفولة!

تلك التي تجعلنا نغضب دون أن نمارس لذة التجريح...

نرمي بظلام كلامنا دون أن ندع الليل يتسرب إلى قلوبنا وعيوننا وسماء حبنا...

ونكسر الأغصان الآيلة للسقوط دون أن نمس حياة جديلة خضراء...

نمارس عبث طفولتنا وإن ببراءة أقل ونضج أكثر...

كأن نفتعل شجاراً نتخذ منه فرصة للتخلص من تلك الأشياء التي كم تمنينا سراً كسرها، لولا أننا ظننا أن الآخر سيغضب لو أن ذلك قد حدث، فنتخذ تلك الشجارات فرصة لضربها في الحائط!

أو أن نفتعل شجاراً للهروب من مشاركة الطرف الآخر الغداء وهذا ما كان سيحدث فعلاً مخافة الاعتذار بحجة أننا اضطررنا إلى مجاملة أحد أصدقائنا وتناولنا الغداء معه قبل وقت قليل، إن مثل تلك الحجة ستبدو سخيفة وواهية ومثيرة للشكوك، واننا لا نخفي في سرنا أنها قد تبدو كذلك فعلاً حتى وإن كانت الحقيقة!

شجارات لا تهدف إلى القتل، وإنما محاولات طفولية للتهرب من بعض واجباتنا المدرسية التي لا يكاد يتبين تأثيرها على مدى تفوقنا وتميزنا...

شجارات لا تدمّر محاصيلنا، ولا تهدم منازلنا ولا تكنس بدمى الأطفال وجه الوحل، وإنما هي أحد المواسم التي تقترن فيها نجمة في السماء بحبة رمل فيكون الوقت صالحاً لزراعة الأرض بقلب زهرة لا تموت...

تلك الشجارات التي لا تدخل عنوة أحد صفوفنا المدرسية لتنثر الطباشير في عيوننا، وإنما تلك التي تغسل عن رموشنا رماد الطباشير لنقرأ ونرى!

المشكلة أن الكثير منا يفعل العكس!

يجعل من الشجار - أياً كان سبب الشجار- بينه وبين الآخر فرصة لتصفية كل الحسابات!

فرصة أحياناً.. للانتقام!

لا يدّخر استخدام كل الأسلحة وبالذات المحرّم منها!

يتحوّل الشجار من وسيلة لمنع أذى البراكين إلى أداة دمار أشد من البركان نفسه...

وإلى يد تصل الذاكرة لترمي كل فوانيسها المشتعلة بالحصى، بعد كانت تلك اليد التي تملأ المنطفئ من فوانيس الذاكرة بالزيت!

الكثير منا لا يحسن اختيار الوقت الأمثل ولا السبب الأمثل لإثارة الشجار،

الكثير يفتقد هذا الفن...

ويفتقد الحس بقدرته على أن يكون إنساناً... دائماً...

بل إن الشجار يحوّل البعض إلى حيوانات جارحة... تمارس ذلك بفعل الغريزة!

ذئاب وحشية تنهب جسد النهارات المشرقة.

البعض لا يدرك أنه لم يك إلا يتسلى بأعواد الكبريت قبل أن يتفحّم!

حتى لا نصبح كذلك يجب أن نحسن إدارة شجاراتنا:

وذلك لن يكون إلا بعد أن نحسن:

اختيار التوقيت والسبب الأمثلين للشجار!

back to top