أول العمود: حزني على وفاة شيخ الصحافيين محمد مساعد الصالح سببه فقدان حالة تجعلني أبتسم كل صباح.
***بماذا يمكن لقارئ أقصوصة "الزهايمر" للراحل غازي القصيبي أن يخرج؟ قرأت الرواية... انتهت من بين يدي بسرعة مفرطة ليس بسبب أوراقها القليلة بل لصدق تعبيرها، ومغازيها الذكية.لم أستطع أن أفسر لماذا ربطت "الزهايمر" بدور المعاق الذي قام به الفنان المبدع عبدالله التركماني في مسلسل "ساهر الليل"، ربما لأن الاثنين خدما ذوي الاحتياجات الخاصة بطريقة غير تقليدية... من دون تشريع قانوني يأتي من برلمان، أو بتبرع مادي يؤدي أغراضه لفترة وينتهي.أقصوصة القصيبي تحفة رشيقة، معبرة، تعين على تقريب الواقع للأصحاء الذين ليس في حياتهم معاناة رعاية مرضى الإعاقات الجسمية الثقيلة التي لا يتحملها إلا القلة ممن يصحون وينامون على الإيمان والحب والسلام الداخلي، فالقصيبي أبدع أكثر من ألف طبيب يخرج علينا في فضائية ليتحدث عن مريض الزهايمر ومن يحيطون به والظروف النفسية لكليهما.هذه الأقصوصة جرتني إلى تذكر تجربتين صحافيتين قمت بهما منذ عامين: الأولى حول المضطربين جنسيا حيث كثرت أعدادهم وجاؤوا مرة – بجرأة حميدة– إلى مجلس الأمة يشتكون سوء معاملة أجهزة الأمن لهم بحجة تطبيق قانون التشبه، والثانية، كانت حول المصابين بمرض التصلب العصبي "إم إس"، حيث يعد الكويتيون المصابون به الأكثر نسبة بين أبناء دول الخليج لأسباب مجهولة.في التجربة الأولى تحدثت إلى ذكر في جسد أنثى أخلف وعده بمقابلتي وجها لوجه لخوفه الشديد، واكتفى بمكالمة مطولة كانت جزءاً من مادة التحقيق الصحفي... وعذرته (أوعذرتها كما تحب) حينها، كان صوته أنثويا حزينا ومقهورا، وقرأت عن بعض تفاصيل أوضاع هذه الفئة وعلاجاتهم، وقرأت أيضا عن التجربة السعودية المشجعة في تصحيح الجنس، ونشرت تقريرا في "الجريدة" حول هذا الموضوع المأساوي واقتبسته مدونة رزينة تخصهم تحمل عنوان "تصحيح الجنس" http://transshelp.blogspot.comأما تجربتي الأخرى مع مرضى "إم إس" فهي بأهمية الأولى... تحدثت إلى رجل وامرأة... تلمست حالة الشقاء والقهر النفسي التي يعيشها حاملا المرض الذي لا يعرف له سبب، ومقدمات الإصابة به تجعل أي إنسان عادي يقرأ عنه يشك في أنه عضو مرشح لنادي التصلب العصبي ما لم يقطع الشك باليقين بالفحص الطبي المبكر، فبعض أعراضه ملتبسة ومحيرة. بالمناسبة هناك تفاصيل للمرض تخص السيدات الحوامل ليس هنا المكان المناسب لشرحها، لكنها تصب في خانة المعاناة المضافة.الزهايمر، الاضطراب الجنسي، التصلب العصبي... وما شاكلها من حالات مقلقة ما هي إلا اختبار للأصحاء، في قدرتهم على تحمل هذه الأجساد المقهورة، وفي عيشها معنا والتي غالبا ما تنتهي إلى هروبنا من المواجهة... فتكون المصحات نهاية المطاف، وفي الكويت وباسم القانون كان السجن علاج مضطربي الجنس تحديدا!!في ظني، أن أقصوصة "الزهايمر"، ومهما كان قصد كاتبها تعد أفضل هدية للأصحاء المحيطين بذوي الاحتياجات الخاصة، ومن وضعهم القدر في ظرف يتطلب رعاية جسد مصاب بمرض مزمن، فهي كشفت الألم وأعطت الأمل، تماما كما فعل التركماني في "ساهر الليل" حين استطاع تسويق "المعاق" في حركة المجتمع اليومية بتفاصيلها.فشكرا للقصيبي الذي رحل وتحية للتركماني.
مقالات
زهايمر
10-10-2010