قطر 2022...أكثر من مجرد بطولة!

نشر في 07-12-2010
آخر تحديث 07-12-2010 | 00:00
 د. ساجد العبدلي سأتصور أن كل العرب قد فرحوا بفوز دولة قطر بحق تنظيم كأس العالم 2022، وسأعتبر أن كل التعليقات والرسائل المشككة والمستهزئة، والتي نشرها البعض خلال الأيام الماضية، ما هي إلا نكات باردة لا أكثر، سأتصور هذا لأن فوز قطر، مهما كابر البعض وحاول التقليل من شأن ذلك، مفخرة لكل دول الخليج والعرب بحق.

حين كنت خلال كأس العالم الماضي أشاهد إعلانات قطر حول دخولها المنافسة لتنظيم هذا الحدث الدولي الكبير، أعترف بأني لم أكن متفائلاً، وكنت أراها تصويبة بعيدة المدى، لكن قطر أثبتت أنها قادرة على تحقيق ما كان يبدو صعباً وبعيد المنال. وفي هذا دليل على ألا شيء مستحيلا، مهما بدا كذلك، مادام الهدف مرسوماً بعناية، ومادام هناك إصرار على تحقيقه، وبذلت كل الجهود اللازمة لذلك.

بعض الناس تندروا على فكرة أن الحدث سيكون بعد 12 عاما، لكن هؤلاء فاتهم أن هذه المدة في الحقيقة ليست مدة طويلة، ونحن الكويتيين ممن عاصروا الغزو العراقي قبل عشرين عاماً أكثر من يدرك ذلك، فذكريات ذلك الحدث الجلل لاتزال حية نابضة في الذاكرة، حيث جرى الزمن منذ ذلك التاريخ جرياً وكأنه حدث بالأمس!

لكن هذه المدة القصيرة في عمر الدول ستظل في نفس الوقت كافية لتحقيق وصناعة الكثير جداً، فقد علمنا التاريخ كيف أن دولاً استطاعت في فترات أقصر من هذه المدة أن تقفز من القاع إلى مصاف الدول المتقدمة، كسنغافورة وماليزيا وغيرهما.

إن أمام قطر تحد صعب ولا شك، فالأمر أكثر بكثير من مجرد تنظيم بطولة لكرة القدم، فكأس العالم 2022 سيدخل هذه الدولة الصغيرة بحجمها، العملاقة بطموحها وإصرارها، في قلب عالم السياحة، وسيشد انتباه العالم بأسره نحوها، وسيجعل اسمها يتردد على كل لسان من أدنى الأرض إلى أقصاها، وسيجعلها تشهد طفرة اقتصادية كبيرة مواكبة لهذا الحدث، بالإضافة إلى أنه سيجعلها تتصل حضارياً وثقافياً بالآلاف المؤلفة من البشر الذين سيتوافدون عليها من البلدان المختلفة!

لهذا فإن الاستعداد والتحضير لهذا الحدث المهيب سيكون مهمة كبيرة جدا وبالغة الأهمية، ولا بديل عن النجاح فيه، لكنني أجزم بأن عند دولة قطر كل القدرة لتحقيق هذه المعادلة البالغة الصعوبة. ومن هذه اللحظة، وحتى موعد كأس العالم 2022، فليس أمامها إلا أن ترتقي وبشكل متسارع حاد على كل المستويات!

ستكون قطر بحاجة إلى تطوير بنيتها التحتية من حيث الطاقة الاستيعابية، سواء للفنادق ولوسائل الاتصال، ولشبكات النقل والمواصلات وللخدمات الصحية، ولمراكز التسوق ولوسائل الترفية وما شابه، وستكون بحاجة كذلك إلى تطوير أجهزتها الإدارية في القطاعات المختلفة لتواكب ذلك الحدث الضخم، بالإضافة إلى أنها ستحتاج إلى تجهيز المجتمع القطري فكرياً ونفسياً لاستيعاب الحدث، وبالأخص للتعامل مع الأعداد الضخمة من البشر الذين سيأتون من كل مكان وسيعبرون عن حماسهم وفرحتهم خلال مباريات البطولة بطرق قد لا تكون مألوفة للمجتمعات الخليجية والعربية. كما أن قطر ستكون ملتزمة قبل هذا وخلاله وبعده، بتوفير الغطاء الأمني الكافي للحفاظ على سلامة وأمن هذه الجماهير، وهي المهمة غير السهلة على الإطلاق.

إنها ليست مجرد بطولة كرة قدم يا سادتي... إنها رحلة تحدٍّ ستدخل بإذن الله دولة قطر، بكل مناحيها، عبر توظيف كل مواردها وطاقاتها وجهود أبنائها، إلى المستقبل، وستكون قطر آنذاك غير قطر التي نعرف اليوم!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top