كيف تبقى في الحكم أطول مدة؟

نشر في 19-03-2011
آخر تحديث 19-03-2011 | 00:00
 أ.د. غانم النجار السياق الذي يسير فيه الحراك الشعبي العربي يتنوع ويتلون ويتشكل في كل بلد عربي مر به ذاك الحراك بشكل مختلف.

من الواضح أن الطموحات الشعبية نحو مزيد من الحرية والانفتاح والكرامة متشابهة في البلاد العربية، إلا أن ما يختلف هو تصرف الحكام، فلكل حاكم نمطه المختلف، وبالتالي فقد صدق من قال «نحن غير تونس» ثم «نحن غير مصر» وهكذا، لكن الغير هو في طبيعة الحاكم وطبيعة إصراره على البقاء أطول مدة في الحكم، ولا يوجد «غير» في مطالب الناس، وحراكها الشعبي.

إصرار الحكام على التمسك بكراسيهم يطرح تساؤلاً عن طبيعة منظورهم للحياة، وكيفية رؤيتهم للآخرين، وعلى الأخص رؤيتهم لشعوبهم، وكيف لهم أن يتولوا أمور أناس لا يريدونهم حكاماً.

المسألة ليست جديدة، بل هي مرتبطة بتطور الأنظمة السياسية ودور الحاكم عبر التاريخ والتباين الواضح بين مفاهيم تقليدية ترى الأنظمة السياسية ثنائية (راع - رعية) في مقابل ثنائية (حاكم - شعب)، ولا يدل إصرار الحاكم على البقاء رغماً عن الرفض الشعبي إلا تمسكه بثنائية (الراعي - الرعية).

بل إننا عند تسليط الضوء وفحص سلوكيات الحكام أثناء الأزمات والمواجهة مع الشعب نجد تشابهاً في نهج التفكير حتى وإن فر حاكم ما، وتلكأ حاكم آخر وقام حاكم باستخدام القوة ضد المحتجين، إلا أن نهج التفكير واحد بين الحكام، وكأنهم قد انتظموا في مدرسة واحدة تلقنهم دروساً متشابهة، وجلسوا على ذات الكراسي، واستمعوا إلى ذات المدرسين، وحصلوا على دبلوم عال في كيفية إدارة شؤون الحكم، وبطبيعة الحال فهناك تفاوت بين قدرات «التلاميذ - الحكام»، بل إن هناك حكاماً ربما لم يلتزموا بما تعلموه وانفتحوا على شعوبهم فكانوا أكثر استقراراً، ولعل أحد أبرز من تتلمذ الحكام على يده هو نيكولو مكيافيللي الذي ولد في سنة 1469 في فلورنسا بإيطاليا، وصاحب الكتاب الأشهر الأكثر تأثيراً في أدبيات الحكم والسيطرة ألا وهو كتاب «الأمير»، بل إن مكيافيللي تجاوز تأثيره السطور التي كتبها، والتي كان أبرزها العبارة الأكثر استخداماً في التاريخ وهي «الغاية تبرر الوسيلة»، ومع أن مكيافيللي كان قد مات في سنة 1527، ومع أن كتابه «الأمير» لم يتم نشره إلا في 1532، أي بعد 5 سنوات من موته، فإن أثر الكتاب ومقولاته ورؤاه تداخلت وسكنت في أدمغة وأفئدة العديد من الحكام وخصوصاً الدكتاتوريين منهم، الذين كانوا يبحثون عن خريطة طريق تجعلهم ملتصقين بالكراسي مدى الحياة.

بالطبع الحديث عن مكيافيللي أكثر إثارة ويستحق المتابعة لاحقاً.

back to top