كثير من التدين...قليل من الأخلاق
مظاهر التدين والادعاء الظاهري لا تستقيم مع مظاهر الفساد السلوكي المنتشرة بصوره المختلفة في مجتمعنا، وسأكون جريئاً في نظر البعض إن قلت إن أحد أسباب الطلاق المنتشر في الكويت يرجع إلى مسألة التظاهر بأخلاقيات معينة يدّعيها أحد طرفي الزواج في بداية الإقدام على الارتباط.أول العمود:
بعد أن انتهت أزمة الطماطم نظرت إلى الموضوع من زاوية أخرى لا علاقة لها بغلاء الأسعار... حياتنا السياسية كانت بحاجة إلى شيء غير متوقع يضفي عليها شيئاً من المرح.***في مجتمعنا مظاهر كثيرة لا تدل على جوهر الأشياء، ويلفت نظري، بل يؤلمني كثيراً، أن يظهر أحدنا بقناع مهنته (طبيب- أستاذ جامعي- مدرس- قيادي) ويمارس سلوكا بعيدا عن أخلاقيات المهنة، وأخطر ما في الأمر أن تجتمع هذه المسألة مع مظاهر التدين المنتشرة لدينا بشكل لافت ولا يستقيم مع كون التدين مسألة قلبية يصدقها عمل وحركة على الأرض.سأعطي أمثلة... تخسر الدولة أموالاً طائلة من جراء تراخي الناس في دفع مستحقات الكهرباء والماء والهاتف الثابت، كما لا يفهم كيف يقوم أطباء بصرف إجازات طبية لأناس أصحاء وبشكل شبه دوري تكبّد مالية الدولة ملايين الدنانير، وقيام قياديين ووزراء بتعيين أقرباء لهم دون التفات إلى أدنى أصول المهنية الإدارية، فتنهار مشاريع حيوية وتتأخر أخرى وتنتهي إلى شبح الأوامر التغييرية الذي أصبح منفذاً مقنناً للسرقة. مظاهر التدين والادعاء الظاهري لا تستقيم مع مظاهر الفساد السلوكي المنتشرة بصوره المختلفة في مجتمعنا، وسأكون جريئاً في نظر البعض إن قلت إن أحد أسباب الطلاق المنتشر في الكويت يرجع إلى مسألة التظاهر بأخلاقيات معينة يدّعيها أحد طرفي الزواج في بداية الإقدام على الارتباط... لاحظوا هنا نوعية الشكاوى التي تتلقاها د. فوزية الدريع في برنامجها المميز... معظم المتصلين نساء، ومعظم الشكاوى تتعلق بالثقة وكسرها.وليس عبثاً أن تدور أحاديث الناس العاديين عن ثروة طارئة لشخص انتخبه الناس ليكون ممثلهم في البرلمان، أو تدخل شخصية نافذة لإطلاق سراح قاتل أو منتهك عرض من مخفر شرطة... وفي مقابل ذلك تنتشر بين منازلنا حلقات حفظ القرآن والمساجد ومراكز الدعوة وكل ما ينضح بتديننا.يصعب على أحدنا أن يدّعي اليوم أنه يثق بمن لا يعرفهم معرفة وثقى في معاملة تجارية أو اتفاق على شيء ما، فالوعود لا تنتهي كما يرسم لها من نهايات، فنحن نعيش عصر الشطارة بمعناها المراوغ.هنا يجب أن نتوقف عند سؤال مهم حري بنا أن نسأله لأنفسنا: ما معنى أن أكون متديناً؟ وما معنى أن أكون أخلاقياً؟ وما الفرق بين الاثنين؟ كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة