ديان: واشنطن لا تعرف شيئاً... ولسنا قادرين على شن ضربة استباقية

نشر في 08-10-2010 | 00:01
آخر تحديث 08-10-2010 | 00:01
يستدل من الوثائق السرية عن حرب أكتوبر 1973 التي سمحت إسرائيل أخيراً بنشرها بعد 37 عاماً على الحرب، أن ثقة إسرائيل العمياء بقدرتها العسكرية والمعنويات العالية للطاقمين السياسي والعسكري بعد الانتصار في حرب 1967، لم تتبدد إلا في اليوم الرابع للحرب، حيث قال وزير الدفاع آنذاك موشيه ديان لرئيسة الحكومة غولدا مائير إنه أخطأ في تقديراته للقوة العربية، وإنه يعتقد أن العرب سيقضون على دولة إسرائيل.

واقترح ديان الانسحاب من خط بارليف في سيناء وإبقاء الجرحى لمصيرهم، حتى انه قال في إحدى جلسات الحكومة إن الحرب ستستمر طويلاً وقد يصل الجيش المصري إلى مشارف إيلات ورفح.

وأظهرت هذه الوئائق أن وزير الخارجية الأميركي آنذاك هنري كيسنغر قال للسفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة آنذاك سمحة دنيس، إنه يجب على إسرائيل الانتصار في الحرب، ولكن مائير أرادت بشكل سري، حتى دون إبلاغ الحكومة، زيارة واشنطن وإقناع الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بضرورة إمداد إسرائيل بالسلاح، لأن برأيها الحرب لا تدار من العرب إنما من قبل الاتحاد السوفياتي. وقد نجحت مائير في إيصال هذه الفكرة إلى واشنطن دون السفر إليها.

ومن الجدير ذكره أن في الجلسة الأولى السرية للحكومة الإسرائيلية يوم 6 أكتوبر في الساعة السابعة صباحاً، أي قبل نحو 10 ساعات من الحرب، بحث المجتمعون موضوع الحرب إثر إخبارية من العميل الإسرائيلي في مصر أشرف مروان صهر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.

وخلال تلك الجلسة، رفضت مائير اقتراح رئيس الأركان آنذاك دافيد اليعازر توجيه ضربة استباقية إلى القوات المصرية أو السورية، بحجة أن العالم عندها سيعتبر إسرائيل عدوانية وسيحملها مسؤولية الحرب. كما أن ديان استخف بإخبارية مروان وأكد أن الرئيس المصري آنذاك أنور السادات لن يجازف بالحرب، وكان على يقين أن سورية ومصر لن تبدأ بالحرب، الأمر الذي اتضح كخطأ فادح بعد عدة ساعات. كما رفض ديان اقتراح العزار حينئذ تجنيد كل الاحتياط قائلا: إنه لا حاجة إلى أكثر من 20 إلى 30 ألف جندي احتياط، إلا أنه وافق لاحقاً على تجنيد 70 ألفاً، ولكن هذا لم يسعف إسرائيل في الأيام الأولى من الحرب إلى حين التحول في الموقف الأميركي والشروع بالإمدادات الجوية بالطائرات والأسلحة والدبابات والآليات والصواريخ.

وفي ما يلي مقتطفات محضر جلسة الحكومة الإسرائيلية التي انعقدت في الساعة السابعة صباحاً في تاريخ 6-10-1973، قبل انطلاق الحرب بعدة ساعات.

المشتركون في الجلسة: رئيس الحكومة غولدا مائير داغان، وزير الدفاع موشيه ديان، قائد الأركان الجنرال دافيد اليعازر، رئيس الاستخبارات أ. زعيرا، مساعد وزير الدفاع الجنرال ص. تسور، الوزير ي. جليلي، (في ما بعد الوزير ي. ألون).

* ديان: أوّد أن أثير عدة أمور. يفتتح قسماً منها قائد الأركان ورئيس الاستخبارات. يستعرضون المشاكل من السهل إلى الصعب:

أ‌. بالنسبة لعرب المناطق (عرب 1948)، لا يجب أن نمنعهم من أن يأتوا إلى للعمل، يجب أن يبقى كل شيء اعتيادياً. لا نغلق الجسور، استمراراً للسياسة الحرة، وإذا أرادوا أن يهربوا فليهربوا.

ب‌. أقترح اليوم نقل الأطفال من هضبة الجولان، شرم الشيخ

وأبورودس. مجموع الأطفال في الجولان 30 طفلاً. النساء اللواتي يردن البقاء يبقين. إذا كان هناك عائلات وسائحون، لا يجب أن نتعرض لهم. ومن المحتمل أن تكون غارة على الشرم أو أبورودس.

* ديان: بالنسبة للولايات المتحدة، فقد أعلنت أنها إلى الآن لم تر استعدادات للحرب، وحتى أنها لا تعرف كيف تفسر إخراج العائلات الروسية وما شابه. يجب أن نعمل مواجهة استخبارية هنا وفي الولايات المتحدة، ممثلنا هناك ورجالنا هنا. كثير من الأشياء لا يعرفون أن يفسروها.       

*مائير: طلبت أن أبرق لشاليف، بأن سمحة (سفير إسرائيل في الولايات المتحدة آنذاك سمحة دنيس) خرج هذه الليلة، وطلبت من شاليف أن يعمل الترتيبات للوصول إلى رجال البيت الأبيض في كل وقت.        

* ديان: النقطة هي "On the face of it" توجد خلافات مع الولايات المتحدة. (الوزير جليلي ينضم ووزير الدفاع يرجع على النقاط التي أوردها حتى هذه المرحلة). أمر خروج الروس بدأ يظهر بصورة أكبر وهو في مرحلة التنفيذ، الآلاف يخرجون، والآن ضروري أن نحاول ونتساوى استخبارياً مع الأميركيين. المعروف حتى هذه الفترة أن في الأردن يوجد انفصال مكثف في الشيفرة، ذهاباً وإياباً، بينهم وبين مصر وسورية. أقترح ألا ننذر الملك (العاهل الأردني الملك حسين بن طلال) في هذه اللحظة. بالنسبة لنا، للقيادة، إذا بدأت الرادارات الأردنية في العمل فعلينا أن نضربها. يطلب المصريون منهم تغطية للرادارات. المحطات السابقة لا تعمل وإذا بدأت العمل فيجب إبادتها. والسؤال هنا إذا كنا ننذره أم لا. لم أتطرق إلى موضوع ما سيفعل الأردن ضدنا. الأمر الطارئ هو الرادار.  

* الوزير ي. جليلي: إذا بدأ الرادار العمل، ننزله توّا.

*ديان: إذا عمل الرادار بعد ساعتين – بعد ساعتين وخمس دقائق ننزله. قد يتعرض الملك لضغط شديد من قبل المصريين بالنسبة للرادار. المصريون في حاجة ماسة إليه. وخاصة بالنسبة لرمات دافيد. إذا شغّل الرادار، أفكر أنه يجب أن نعطي القيادة أن تقرر ماذا تفعل. أريد الآن خياراً. لن نقول له الآن شيئاً. يوجد الآن شيئان مهمان: ضربة رادعة وتجنيد الاحتياط.

بالنسبة للضربة الرادعة. من الناحية الجوهرية لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا أن نفعل ذلك هذه المرة. إذا هاجمت مصر فقط نستطيع أن نضرب السوريين. بناء على المعلومات الموجودة الآن لا نستطيع أن نضرب ضربة رادعة. حتى قبل خمس دقائق لا يمكن. إذا كنا في حالة ان المصريين بدأوا لوحدهم، نستطيع أن نضرب سورية. مبدئياً، إذا لم يطلقوا النار، نحن لن نطلق النار.   

في الحلقة الثانية، يتابع ديان حديثه ويتحفظ على توسيع التجنيد، ثم يتحدث قائد أركان الجيش الإسرائيلي عن القدرة على شنّ ضربة استباقية خلال ثلاث ساعات، وتتابع المداولات داخل الحكومة.

back to top