الذين يحيكون المؤامرات ضد هذه الأمة يجدون جنوداً جاهزين من الجهلة يسهلون لهم تنفيذ خططهم بوعي ومن دون وعي، ففي يونيو 2006 نشرت مجلة القوات العسكرية الأميركية خريطة للشرق الأوسط الكبير قسّمت فيها الأوطان العربية على أساس طائفي فقسمت مصر والسودان بين المسلمين والمسيحيين، وقسمت الجزيرة العربية بين السنّة والشيعة بحيث يكون العراق والساحل الشرقي للجزيرة العربية للشيعة، وبان الهدف والإغراء والتحريض بالفتنة بهذا التقسيم عندما وضع النفط في منطقة الشيعة.

Ad

مثل هذه الخطط لا يتعب واضعوها في عملية التنفيذ فهم على يقين بأن الجهل والتعصب والطمع ستخلق بيئة مناسبة للقلاقل والخوف والتقاتل بين الإخوة دون بذل أي مجهود، فخريطة «الشرق الأوسط الكبير» أو ما سمي بعد ذلك بـ»الشرق الأوسط الجديد»، هي طُعم لجر المنطقة كلها إلى حروب لا تنتهي وبالتالي انشغالنا بشراء الأسلحة والأنظمة الدفاعية وشراء القوات للدفاع عن هذا الطرف أو ذاك حتى ينضب النفط وكل ثروة المنطقة، ثم يتركوننا لحالنا إما ميتين وإما ممزقين لا يعرف أحدنا الآخر.

للأسف أيضاً تتجاهل حكومات المنطقة أهداف هذه الخطة وتنساق وراء المتآمرين، فبعض المتنفذين فيها يجدونها فرصة عظيمة لاكتناز مزيد من أموال العمولات والرشاوى لشراء منظومات الدفاع والجيوش. الكل يعرف أنها مؤامرة ومع ذلك الكل ينساق للتسابق على شراء السلاح، فالحروب تجارة مكاسبها للاعبين لا تعد ولا تحصى، وبدلاً من كشف المخططات وتوعية الشعوب ودحر الفتنة الطائفية التي يشعلها المتآمرون تصبح الحكومات هي التي تنشر الخوف وتزيد في نشر الفتنة ليصبح الغطاء لهذه التجارة مقبولاً للجميع.

ويبدو أننا لا نتعلم الدرس، وكل طاغية في المنطقة يزول بعد أن يهلك الزرع والضرع وتضيع أموال دولته في الصرف على السلاح وإشعال الحروب، فيبدأ طاغية آخر ليكرر ما سبقه وليكرر إشعال الحرائق وإدخال بلاده في أتون الحروب التي تأكل الأخضر واليابس وتزيد من فقر الشعب بينما يغتني الطاغية وزمرته على حساب بلاده وشعبه، والفائز بالنهاية هي مصانع السلاح وتجاره ووسطاؤه.

الأقوال والتصريحات الأخيرة لا تخرج عن أهداف هذه المؤامرة سواء من أراد إثارة الفتنة أو من رد متشنجاً، فالطرفان بوعي أو من دون وعي يخدمان هذا المخطط الدنيء ويمكنانه من النجاح.

إن مصنعي الأسلحة وتجارها لا يهمهم من يموت بها سواء كان سنّياً أو شيعياً أو مسيحيا أو من أي ملّة أو مذهب كان، فما يهمهم ثمن الطلقة لا من قتل بها... فهل وصل بنا الجهل إلى أن نقدم أرواحنا ونخرّب مستقبل أبنائنا من أجل مصالح هؤلاء؟

لذلك أتمنى من الجميع أن يعي ما يحاك لنا وأن نعمل معاً على إفشال هذا المخطط، وبدلاً من تقسيم المنطقة حسب الطوائف لنعمل على تمكين الوحدة الوطنية وتنشئة أبنائنا تنشئة سليمة لا يفرقون بين إخوانهم بسبب اللون أو الجنس أو المعتقد.