ما قل ودل: خارطة الطريق قبل تنحي الرئيس
كانت خارطة الطريق للخروج من المأزق الدستوري الذي تواجهه الاستجابة إلى المطالب المشروعة للثورة الشعبية، تتلخص في ثلاثة قرارات جمهورية تصدر في يوم واحد من رئيس الجمهورية السابق هي:1- قرار جمهوري بحل مجلسي الشعب والشورى.2- قرار جمهوري بقانون بتعديل قانون الانتخاب لتقرير الإشراف القضائي الشامل لكل اللجان بما في ذلك اللجان الفرعية.
3- قرار جمهوري بدعوة الناخبين لانتخاب مجلسين جديدين، مجلس الشعب ومجلس الشورى.وبعيداً عن التعقيدات الدستورية التي حفلت بها نصوص الدستور وعلى الأخص المادة (189) منه، فقد كان المطلوب من الرئيس، أن يستجيب للمطالب المشروعة لهذه الثورة، بأن يتخذ فوراً ما يلي: أولا: حل مجلسي الشعب والشورى، لأن مثل هذا القرار هو الاستجابة الحقيقية لمطالب الشعب، والثورة الشعبية، بإسقاط النظام وإسقاط الشرعية عن هذين المجلسين.ومن الجدير بالذكر أن الفصل في الطعون الانتخابية لن يضفي الشرعية على هذين المجلسين بل سيكون مخيباً لآمال الشعب الذي كان يرى بعينيه عمليات التزوير والبلطجة وشراء الأصوات، وقد يضع قضاء محكمة النقض في مأزق مع جماهير الثورة الشعبية، لأن محكمة النقض، مع كل التقدير لرجالها ولرجال القضاء بوجه عام، مهما بذلت من جهد في تقصي الحقائق والإحاطة بالظروف والملابسات التي أحاطت بالعملية الانتخابية، ستقف عاجزة في كثير من الطعون عن اكتشاف الحقيقة، عندما يكون التزوير متقناً، وأزعم أنه كذلك.فالتزوير، كان يساهم فيه رجال الأمن ورجال الحكم المحلي، بأوامر عليا من أحمد عز أمين التنظيم بالحزب وعضو لجنة السياسات، وبأوامر من مديري الأمن والمحافظين، ومن وزير الداخلية كذلك. كما أن منع قوات الأمن الناخبين من دخول لجان الانتخابات، واستخدام مرشحي الحزب الوطني «للبلطجية» و»المسجلين خطر» والمال كان أمراً معروفاً وشائعاً في كل الدوائر، ولكن محكمة النقض، سوف لا تجد دليلاً عليه في الأوراق التي أمامها. ثانياً: ومع قناعتي بوجوب تعديل المادة (88) من الدستور، التي عدلت في عام 2007 لإلغاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، إلا أنه وقبل تعديل الدستور، وحتى تتم انتخابات مجلسي الشعب والشورى تحت هذا الإشراف، فإنه يمكن تعديل قانون الانتخابات بما يحققه في كل اللجان، بما في ذلك اللجان الفرعية باستخدام صلاحية رئيس الجمهورية الدستورية المنصوص عليها في المادة (147) من الدستور التي تخول رئيس الجمهورية في غيبة مجلس الشعب، وفي حال الضرورة أن يصدر قرارات لها قوة القانون. وأساس ذلك أن المادة (88) من الدستور تنص على أن «تشكل اللجان العامة من أعضاء هيئات قضائية، وأن يتم الفرز تحت إشراف اللجان العامة، وذلك وفقاً للقواعد والإجراءات التي يحددها القانون».فالمادة (88) توجه خطاباً إلى المشرع بتحديد القواعد والإجراءات التي يتم بها الانتخاب، ومن ذلك تشكيل اللجان، والمشرع في هذا التحديد يملك كل الحق في أن يشكل كل اللجان من أعضاء من الهيئات القضائية، بما في ذلك اللجان الفرعية، وليس اللجان العامة فقط، التي ألزمته بها المادة (88) من الدستور.ولا يحول دون صدور هذا القانون ما تنص عليه المادة (88) من الدستور من اشتراط أن يتم الاقتراع ليوم واحد، إذا تضمن تعديل قانون الانتخاب تقسيم الدوائر الانتخابية، إلى ثلاث أو أربع مجموعات، ليتم الاقتراع في كل مجموعة في يوم واحد تحت إشراف قضائي كامل، فنكون قد أوفينا النص الدستوري حقه، بتفسير غلّبنا فيه المصلحة العليا للبلاد ومصلحة الثورة الشعبية دفعاً لمفسدة كبرى هي حرمان بعض الدوائر الانتخابية من الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات فيها، خصوصاً أن الهدف من هذا التعديل عام 2007، كان رغبة النظام في تنحية الإشراف القضائي على الانتخابات ليسهل تزوير الانتخابات في الدوائر كافة في يوم واحد.ثالثاً: إجراء انتخابات الشعب والشورى تحت إشراف قضائي كامل، طبقاً للتعديل المشار إليه لقانون الانتخاب.بحيث تعرض التعديلات الدستورية التي تقترحها اللجنة المشكلة لهذا الغرض على المجلسين الجديدين.ولكن يبدو أن الحقيقة كانت غائبة عن الجميع، وأنهم كانوا يراهنون على الوقت، ليلتفوا على الثورة الشعبية ويجهضوا مطالبها المشروعة، مستأسدين في الحكم مستميتين في كراسيهم الوثيرة للحفاظ على ثرواتهم التي نهبوها من المال العام. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة