لم تكن سوى سويعات من عودة انعقاد مجلس الأمة حتى عاد بعض نواب حليمة إلى عادتهم القديمة... تشريق وتغريب وألفاظ غير لائقة وجدل إلى مالا نهاية، وكأن كل هذا الهرج والمرج والتأجيج المحلي غير كاف، بدأ بعض النواب بالتحدث عن رموز دول مجاورة وصديقة وكأننا دولة عظمى ودون وضع أي اعتبار للعلاقات الثنائية بين الكويت ودول المنطقة في ظل هذا الوضع الإقليمي الحساس.

Ad

 

ففي السابق وصف أحد النواب رئيس الوزراء العراقي بالـ»الصعلوك»، وفي الأسبوع الماضي تعدى نائب آخر على رمز وقائد دولة مجاورة وصديقة وذات ثقل إقليمي بالمنطقة وهي إيران في محاولة لجر البلد إلى تأجيج الطائفية بدلا من إخمادها. والغريب أن من تتم مهاجمته هو عالم جليل له دور كبير في ترسيخ الوحدة بين المسلمين وإخماد الفتن التي يحاول البعض (ومن بينهم النائب المسيء) إذكاءها... هذا إضافة إلى وقوفه ضد الصهاينة ومن يقف وراءهم ومحاولة توجيه بوصلة جميع المسلمين إلى القدس بدلا من إضاعة الوقت بالصراعات الجانبية حتى صار حديث الصهاينة والغرب في قيامهم وقعودهم هو إيران لأنها تقف حجر عثرة أمام مخططهم الاستعماري.

 

والغريب أيضا في الأمر هو هذا الصمت الحكومي الباهت على هكذا تصريحات تضر بالعلاقات بين البلدين، فهل كانت الحكومة ستمارس نفس هذا الصمت لو كان أحد النواب قد تعدى على مسؤول في إحدى الدول العربية المجاورة؟! وهل كان أمثال هؤلاء النواب يتجرؤون على قول كلمة بحق صدام في الثمانينيات؟!

 

لسنا هنا نعارض حرية التعبير، فهي مكفولة خصوصا للنواب الذين لن يستطيع أحد الحجر على آرائهم في المجلس، لكن في المقابل نطالب الحكومة أيضا بممارسة حرية التعبير عبر استنكار مثل هذه التصريحات اللامسؤولة، فنحن دولة صغيرة وسط ثلاث دول كبرى، وموقعنا الجغرافيا يتطلب منا الحفاظ على علاقات مميزة مع كل هذه الدول شئنا ذلك أم أبينا.

 

إن مثل هذه التصريحات الجوفاء لا تضر بالعلاقات الدولية ببلدنا فحسب، بل باتت تسلط الضوء بقوة على ثقافة هؤلاء النواب، فبعضهم بات مستعدا للتأجيج والتصعيد «على الريحة» بحيث لم يعد يميز بين علم دولة وشعار تاريخي لشركة كويتية، فهؤلاء لم يأتوا إلى المجلس للتشريع وخدمة الشعب، بل جاؤوا لخوض حروب طائفية محلية وإقليمية على طريقة (أنا ومن بعدي الطوفان).