حلف أمني أم إصلاحات سياسية؟!

نشر في 16-05-2011
آخر تحديث 16-05-2011 | 00:00
 د. بدر الديحاني فجأة، ومن دون أي مقدمات، قرر قادة مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم التشاوري قبول طلب الأردن، ودعوة المغرب إلى الانضمام إلى المجلس، مع أن ذلك غير ممكن قانونياً ما لم يتم إجماع الأعضاء على تعديل المادة (1) من ميثاق مجلس التعاون، وهو ما يعني، في ما إذا تم، ضرورة تغيير اسم مجلس دول التعاون التي لها منفذ على الخليج إلى اسم آخر جديد يعكس طبيعة وتركيبة الحلف الأمني الجديد الذي سيتشكل بغية حماية أنظمة الحكم في الدول الأعضاء من تداعيات الثورات العربية الظافرة في كل من تونس ومصر، ومن آثار ونتائج ما قد يحصل في القريب العاجل من تغييرات جذرية تكرس المشاركة الشعبية في السلطة والثروة في كل من اليمن وسورية وليبية، وهو الأمر الذي يعكسه اختيار الأردن والمغرب من دون بقية الأنظمة العربية رغم اختلاف أنظمة الحكم في هاتين الدولتين عن أنظمة الحكم الخليجية وإن تشابهت معها في أنها أنظمة حكم وراثية.

من هنا فإنه من غير الصحيح البتة القول إن هدف الحلف الأمني الجديد المزمع إنشاؤه هو الرد على الاستفزازات الإيرانية، إذ إن دول مجلس التعاون كافة ترتبط إما باتفاقيات عسكرية ثنائية مع الغرب وإما باتفاقيات حماية دفاعية مع أميركا (SOFA)، وهناك قواعد عسكرية ثابتة للولايات المتحدة الأميركية في أغلب هذه الدول على اعتبار أن هذه المنطقة تشكل منطقة نفوذ حيوي للولايات المتحدة، وترتبط معها بعلاقات مصلحية متبادلة.

أضف إلى ذلك أن هناك أيضاً عقود تسلح ضخمة مع أميركا تصل إلى 123 مليار دولار بغية «تعزيز حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وتطويق نفوذ إيران»، ناهيكم عن أن إيران مشغولة جداً في مشاكلها الداخلية، ولن يكون بمقدورها أن تشكل تهديداً حقيقيا لدول المنطقة، كما أن العقل والمنطق يحتمان علينا عدم استعداء إيران كدولة جارة، إذ ليس بمقدور أحد أن يغير من ثوابت الجغرافيا والتاريخ بعكس المصالح الدولية التي تتغير باستمرار.

ويشار هنا إلى أن مجلس «التعاون» قد تشكل في ظروف مشابهة نسبياً للظروف الحالية التي ترتبت على الثورات الشعبية العربية، إذ أعلن عنه في عام 1981 ليكون درعاً أمنية لحماية أنظمة المنطقة من تداعيات الثورة الشعبية الإيرانية التي نجحت عام 1979 واختطفها الملالي في ما بعد، ولذا فقد فشل «المجلس» خلال الثلاثين عاما التي مرت منذ إعلان إنشائه رسمياً في أبوظبي في الخامس والعشرين من مايو 1981، في أن يتحول إلى اتحاد كونفدرالي حقيقي يحقق آمال وتطلعات شعوب دول المنطقة التي تشترك في الكثير من القواسم الاجتماعية والثقافية التي تجعلها شعوباً متقاربة إلى حد كبير رغم اختلاف أنظمتها السياسية، إذ لم يتم الاتفاق على سياسات دفاعية وخارجية موحدة أو على العملة الموحدة والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة ومقر البنك المركزي الخليجي.

أخيراً، فإن التاريخ قد أثبت أن المراهنة على الاتفاقيات الأمنية لحماية الأنظمة السياسية هي مراهنة خاسرة، فلابد- بدلاً من ذلك- من المراهنة على القبول الشعبي والشرعية الدستورية.

وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن أنظمة الحكم في دول الخليج العربية تختلف عن أنظمة الحكم في الدول العربية الأخرى من ناحية القبول الشعبي، فإن المطلوب لتلافي التأثيرات السلبية للمتغيرات الإقليمية هو قيام أنظمة الحكم في الخليج بإصلاحات سياسية شاملة توسع من المشاركة الشعبية في السلطة وتحقق توزيعاً عادلاً للثروة الوطنية وليس الدخول في حلف أمني جديد.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top