استفزاز المقدسات

نشر في 14-05-2011
آخر تحديث 14-05-2011 | 00:00
 فراس خورشيد يقول تعالى: «وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ». (الأنعام 108).

أحد قوانين نيوتن تقول: «لكل قوة فعل قوة رد فعل، مساوي له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه»، إن لعبة الاستفزاز التي تجر الساحة كل يوم إلى مزيد من الاحتقان، تجري في خط هذا القانون، وتفرق عنه أنه قانون فيزيائي يختص بالمادية، وحرب المقدسات القائمة على قدمٍ وساق، تتعلق بأمور ذهنية واعتبارية.  ففي أطر المادة تقوم أجهزة الأقيسة والموازين بتحديد القوة، أما في عالم المقدسات فتحديد القوة راجع لكل إنسان وما يتبناه من أفكار ومعتقدات، فما أعتبره أنا من أقدس المقدسات، قد لا يكون ذا قيمة عند غيري، والعكس صحيح، وكذلك قوة ردود الأفعال قد لا تكون مساوية لقوة الفعل، فربما منعتها موانع لا تظهر، أو تتأجل، أو ربما وضعت معها أمورا أخرى تعكس الحالات النفسية والأحقاد المتراكمة أو المرامي البعيدة، فتكون أشد وأعنف، أضف إلى ذلك إمكانية دخول الصور الخيالية على أنها أفعال، يمكن أن تستفز المشاعر، وتسبب ردود أفعال لأفعال لا وجود لها أصلا.

وبما أننا نحترم مقدساتنا على اختلاف مشاربنا، فيجب علينا تنزيه هذه المقدسات من جعلها عرضة لمن يريد النيل منها، بكف ألسنتنا عن مقدسات الآخرين، ليس هذا الكلام من باب «التفلسف» والتنظير، بل هو منطلق قرآني، والمثال الإلهي هو الأشد، فلا يوجد عند المسلم أقدس من الله عز وجل، ولا أسخف من أي إله يعبد من دونه، ولكن المنطلق الإلهي أمرنا بكف ألسنتنا عنه مهما كان.  في حرب التصريحات الاستفزازية التي تتقنها بعض الشخصيات، وللأسف حتى بعض النواب، أهمل الأدب القرآني أيما إهمال، وحتى ممن يدعي إسلامية المنهج، وذلك يدفعنا للتساؤل: لماذا تستعمل هذه الأساليب الاستفزازية، التي أدت بنا إلى حالة من الاحتقان الطائفي الشديد، وتسببت في تقسيمات اجتماعية مقيتة تنذر بعواقب وخيمة، في ظل وجود من لهم القدرة على الرد بنفس المستوى؟

للأسف هناك من كان وجودهم واستمرارهم السياسي قائمين على اللعب على وتر استفزاز المقدسات، واستغلال ردود الأفعال على مفتعلاتهم، مما أوصلنا إلى حالة من الفوضى الطائفية، ترتبت عليها إساءات إلى الدين والوطن، فمن كتابات و»شخابيط» على الحوائط، إلى الاعتداء على المصلين وتكفيرهم، مروراً بتخريب وتكسير المساجد، كان المستفيد جهة واحدة فقط، وهذه الجهة إن انتشرت التعاليم الأخلاقية الإسلامية والمفاهيم الإنسانية والحقوقية والوطنية، واستقر الوضع الوطني، سوف تخسر كل وجودها السياسي.

فنتمنى مع ظهور الحكومة الجديدة أن تعمل على زرع المفاهيم الأخلاقية وتعزيز روح المواطنة من خلال وزاراتها، لاسيما «الأوقاف» و»الإعلام»، والثقل الأكبر على كاهل وزارة التربية التي نتمنى ألا تبدأ سنتها الدراسية الجديدة إلا بمناهج جديدة نظيفة، تخفف من حدة الاستفزاز المنتشر في الكويت.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top