الأحداث الصاخبة والمزعجة التي عصفت ولا تزال تعصف بالبلاد منذ أشهر هي أقرب ما تكون إلى مسلسل كريه أزكم الأنوف، وأصاب العيون برمد مزمن، خصوصاً أن تلك الأحداث المتلاحقة مصحوبة بالشحن الفئوي الطائفي البغيض، الذي ربما لم يسبق أن عاشته الكويت منذ نشأتها، ما ترتب عليه انقسام واضح في الشارع الكويتي، وانجرار كثيرين إلى مستنقع التحيز الطائفي أو العنصري أو القبلي!   

Ad

فما تشهده الساحة المحلية اليوم من بحث غير مُجدٍ في ملفات قديمة يشير إلى أن دور الانعقاد الذي سيبدأ خلال أيام ربما يكون الحلقة الأخيرة من عمر مجلس الأمة، خصوصاً أن المجلس مقبل على مواجهات لا حصر لها، سواء مع الحكومة أو بين بعض النواب الذين انقسموا في ما بينهم على كثير من القضايا المهمة، لاسيما في بعض الملفات التي ستكون نقطة فاصلة وجوهرية في مسيرة الحياة الديمقراطية في الكويت.

وفي مقدمة هذه الملفات قضية "قانون غرفة التجارة" الذي كان محل شد وجذب بين أكثر من تيار هنا وكتلة هناك خلال الفترة القليلة الماضية، إضافة إلى "الملف الرياضي" المتخم بالمخالفات، والذي يتوقع أن يكون حافلاً بالعديد من المفاجآت، كما يجب ألا نغفل قضية "اللجنة الشعبية لجمع التبرعات" التي طرحت على الساحة المحلية بشكل مفاجئ، بالإضافة إلى نية بعض النواب إعادة التصويت على قانون إسقاط فوائد قروض المواطنين، وحسب وجهة نظر شخصية فإن المواجهة المرتقبة ليست سهلة كما يعتقد البعض أو يتمنى، بل ستكون شرسة و"حامية الوطيس"!

إن إصرار بعض النواب على التركيز على قضايا لا تخدم الوطن ولا تصب في مصلحة المواطن هو أمر مستغرب ومستهجن في نفس الوقت، خصوصا أن هذا الأمر من شأنه زيادة الفوضى السياسية في البلاد التي ربما تصاب بشلل تام نتيجة لهذه الممارسات المجهولة الدوافع والأهداف، في حين نجد أن هذه الفئة من أعضاء مجلس الأمة تقف مكتوفة الأيدي ولا تحرك ساكناً تجاه قضايا أخرى ربما تمثل أهمية قصوى للشعب الكويتي، وهنا تكمن المفارقة الغريبة في انتهاج نواب هذه الفئة سياسة الكيل بمكيالين وفق أهواء شخصية ومصالح انتخابية بحتة بغض النظر عن المصلحة العامة التي يُعتقد أنها تأتي في ذيل اهتماماتهم.

نأمل أن يعي نوابنا الأفاضل أهمية المرحلة الخطرة التي تعيشها البلاد حالياً، وأن تسعى جميع الأطراف إلى بناء البلد والمساهمة في رفع شأنه، من خلال الابتعاد عن التراشق والاصطياد في الماء العكر، كما نتمنى- وإن كان ذلك حلما بعيد المنال- أن تكون الأحداث المرتقبة كمسلسلاتنا المحلية والعربية التي غالبا ما تحمل حلقاتها الأخيرة مَشاهد سعيدة ومفرحة تجمع شمل الأسرة بكل فئاتها، لتعيد بذلك الأمل إلى المواطن بأن هناك حكومة ونواباً يضعون مصلحة الكويت نصب أعينهم، ويستطيعون العبور بها من كل الصعاب إلى شاطئ الأمان، فهل تتحقق هذه الآمال أم تكون النهاية قبل وقتها المحدد؟!