صدمة في مصر بعد سرقة «زهرة الخشخاش» مجدداً
لوحة فان غوخ الوحيدة في الشرق الأوسط وقيمتها لا تقل عن 55 مليون دولار
في فضيحة أمنية وفنية كبرى صدمت المصريين بعد انطلاق مدفع إفطار (السبت)، أفطر الرأي العام المصري على نبأ سرقة لوحة فان غوخ الشهيرة "زهرة الخشخاش" والوحيدة له بمنطقة الشرق الأوسط... اللوحة التي تقبع بين جدران متحف شهير ومؤمن على نيل القاهرة تسرق للمرة الثانية وربما الثالثة –لا أحد يعرف عدد مرات سرقتها يقيناً– إلا أن رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة خرج على المصريين بعد أذان عشاء أمس الأول ليزف بشرى استعادة اللوحة، وقبل أن يتنفس المصريون الصعداء صدموا قبل السحور مرة أخرى بوزير الثقافة فاروق حسني يكذب أنباء استعادة اللوحة فكانت الصدمة صدمتين صدمة السرقة وصدمة التخبط.وأجرى المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام صباح أمس معاينة لموقع سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان الهولندي العالمي فان جوخ بمتحف محمد محمود خليل، وذلك للوقوف بنفسه على ملابسات حادث السرقة وكيفية وقوعه، واستمع مع فريق قضائي كبير إلى أقوال عدد من مسؤولي المتحف خلال المعاينة، وتفقدوا أماكن ومواقع الدخول والخروج، واطلعوا على شروط التأمين والسلامة المقررة ومقتنيات المتحف وأعداد العاملين به وأماكن دخول المترددين عليه.
كان فاروق حسني وزير الثقافة قد أكد مساء (السبت) أن الإجراءات مستمرة لاستعادة لوحة "زهرة الخشخاش"، بعد أن تبين أن المعلومات التي أبلغه بها الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية حول استعادة اللوحة غير دقيقة وغير مؤكدة حتى الآن من الجهات المختصة.وأصدر حسني فور اكتشاف السرقة قراراً عاجلاً بإجراء تحقيق إداري مع كل المسؤولين بالمتحف وقيادات قطاع الفنون التشكيلية حول سرقة اللوحة قبل أن يحيل الجميع إلى النيابة الإدارية، لتحديد المسؤولية مع إبلاغ المسؤولين عن المنافذ الجوية والبحرية والبرية لعدم تهريب اللوحة إلى الخارج.وقد بدأت نيابة شمال الجيزة الكلية مساء أول أمس (السبت) تحقيقاتها في حادث سرقة اللوحة والاستماع إلى أقوال عدد من المسؤولين عن المتحف، لبحث مواقيت وكيفية بدء العمل اليومي وانتهائه داخل المتحف وحركة المترددين عليه من العاملين والزائرين، بهدف التعرف على مرتكب الحادث ووضع تصور لكيفية وقوعه.وقررت النيابة بإشراف المحامي العام الأول لنيابات شمال الجيزة الكلية تكليف سلطات الأمن بإجراء تحريات موسعة عن الحادث ومعرفة الجناة وتعقبهم وضبطهم.كان الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية قد أكد أن عدد زوار متحف محمد محمود خليل (السبت) لم يتجاوز 11 فرداً من جنسيات مختلفة، وكان الشاب الإيطالي الذي ضبطت معه اللوحة من بين الزائرين وبصحبته فتاة إيطالية، وقد تم الاشتباه فيهما بعد أن لاحظ أحد العاملين أنهما قبيل انتهاء زيارتهما، توجها إلى دورة المياه ثم غادرا المتحف فوراً.يشار إلى أن حادث سرقة اللوحة وقع ظهر (السبت) أثناء فترة الزيارة الرسمية للمتحف. وكشفت المعلومات الأولية عن أن اللوحة المسروقة تعادل قيمتها نحو 55 مليون دولار أميركي، إلا أن متخصصين أكدوا أنها تنتمي إلى تلك الإبداعات التي لا تقدر بثمن في التراث العالمي، إذ يعتقد أن فان جوخ (1853- 1890) رسمها عام 1887 قبل 3 سنوات من مقتله بطلق ناري.يعد متحف محمد محمود خليل واحداً من أهم المتاحف في مصر، وهو في الأصل قصر لصاحبه جمع فيه مختارات من كنوز الفن العالمي ثم وهبه مزاراً ومتحفاً للمتذوقين ويقع المتحف بالعاصمة القاهرة، ويحتوي على روائع الفن، وكان لافتتاحه صدى عالمي اهتمت به كل الأوساط الفنية على المستويين المحلي والعالمي.قصة زهرة الخشخاش سبق أن تعرضت لوحة زهرة الخشخاش للسرقة عام 1978، ولكنها سرعان ما عادت بشكل درامي، إذ أرسل السارق خطاباً بمكانها الذي تركها فيه، وتبين أن السارق يدعى حسن العسال، وتحولت سرقة اللوحة حينئذ إلى علامة استفهام لا تجد من يجيب عنها، والطريف أن بعض مسؤولي وزارة الثقافة لجأوا في ذلك الوقت إلى أحد المشعوذين لكشف غموض الحادث، لكن المشعوذ فشلفي تحديد شخصية اللص المجهول، وبين إحباط وزارة الثقافة وفشل جهود الشرطة المصرية ولهاث الصحافة وراء الحادث الغامض أبلغ اللص عن مكان اللوحة، ويبدو أنه لجأ إلى ذلك بعد عجزه عن التصرف فيها، حيث كان الإنتربول الدولي قد أبلغ عنها جميع المنافذ وقد تردد حينئذ أن الغرض من السرقة كان نسخ اللوحة، وأن الموجودة هي النسخة المقلدة والأصلية هربت إلى الخارج.كما أثيرت حول "زهرة الخشخاش" ضجة كبيرة عام 1988 حين أعلن الأديب الراحل يوسف إدريس في صحيفة "الأهرام" أن اللوحة الموجودة بالمتحف نسخة مزيفة، وأن الأصلية بيعت في إحدى أكبر صالات المزادات بلندن بمبلغ 43 مليون دولار.