دعونا نسمع حجة واحدة للنواب الذين سيصوتون اليوم مع رفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم، نريد حجة تقنعنا بأنه لا مكان هنا لتطبيق المادتين 108 و110 من الدستور اللتين تقرران حرية النائب "في ما يقول ويبديه من الآراء والأفكار في المجلس ولجانه"، وأنه لا "سلطان عليه في المجلس" غير سلطان حكم القانون والرقابة الشعبية.   

Ad

سنقتنع برأي النواب الموافقين على رفعها إذا قدموا الدليل القاطع بأن فيصل المسلم تعدى على سمو رئيس الوزراء وعلى سرية المعاملات المصرفية (بنك برقان) حين رفع شيكات سموه في قاعة المجلس، مؤكداً أن بعض نواب الشعب يتقاضون مقابلاً مالياً مقابل مواقفهم السياسية، وأن لكل نائب منهم سعره ولكل موقف مطلوب ثمنه في أسواق الذمم النيابية.

إذا افترضنا أن النيابة العامة قد تقدمت بطلب رفع الحصانة على سند من القول بأن فيصل قد حصل على صور تلك الشيكات بطريقة غير مشروعة "بأنه اشترك مع مجهول لكشف أسرار مصرفية" بالمخالفة للمادة 85 من قانون البنك المركزي...! وأن هذه الواقعة حدثت خارج البرلمان، وبالتالي لا تمتد إليها الحصانة، فهذا مردود عليه بأن "الكشف" عن تلك الشيكات بإظهارها للعلن قد تم في البرلمان، وفي سياق ممارسة النائب لعمله بالمجلس، وأنه لو لم يتم "الكشف" عن صور تلك الشيكات علناً في المجلس لما كانت هناك تهمة ما يمكن أن توجه إلى فيصل المسلم، ولظلت القضية في علم الغيب. ماذا لو حصل هذا النائب أو غيره على صور تلك الشيكات مصادفة، ثم صرف النظر عنها وركنها بعيداً هل كنا سنتصور أن تقوم أركان جريمة ما ضد النائب؟ وأياً كانت الأسباب القانونية التي تستند إليها النيابة العامة في طلبها برفع الحصانة إلا أن يقيناً بأن رفع الحصانة عن النائب هنا سيضرب بعرض الحائط النصوص الدستورية، وسينزع الحماية الدستورية المقررة للنائب حين يمارس عمله كرقيب على أعمال السلطة التنفيذية، وبالتالي فلا رقابة ولا نيابة ولا ديمقراطية (ولو كانت شكلية) يمكن الحديث عنها الآن.

اليوم سيكشف لنا نواب الأمة إن كانوا حقيقة هم وكلاء الأمة بأسرها أم وكلاء الحكومة! وسنرى ما إذا كان لدينا مجلس نيابي وسلطة ثانية أم ليس لدينا غير  سلطة تنفيذية مع ملحق تابع يقبع على شارع الخليج...!