«أنا مش رمز... أنا مجرد بوق»

Ad

هذا ما قاله وائل غنيم في لقاء تلفزيوني له مع المذيعة الرائعة منى الشاذلي،

وائل غنيم أحد الشباب المحرضين على ثورة 25 يناير،

هؤلاء الشباب الذين كانوا الشرارة التي أضرمت النار في غابة الفساد،

وأسقطت قناع الزيف عن وجه البشاعة،

أولئك الشباب الذين قابلوا بصدورهم العارية رصاص الظلم، وفاضت أرواح بعضهم الطاهرة، وسالت دماء البعض الآخر لتروي زهرة الحرية في ميدان التحرير،

أوقفوا بأيديهم الفارغة إلا من العزيمة والإصرار على التغيير، عجلة الزمن وغيّروا مساره رغماً عنه،

وضعوا خاتمة كتابٍ آمن الكثيرون بأنه سيبقى مفتوحاً إلى يوم الدين،

وستظل سطوره طعاماً رديئاً لكل فم يفتح إلى أبد الآبدين،

أولئك الشباب الذين فعلوا ما لم تستطع فعله على مر السنين قوى أكثر تنظيماً، وأكثر قدرة بما تملكه من إمكانات مادية وبشرية،

هؤلاء الشباب العراة إلا من الإرادة لم يعروا النظام الفاسد فقط بل استطاعوا أن يعروا تلك القوى التي كانت تدعي مقاومتها لذلك النظام طوال السنين،

فلقد استطاع هؤلاء الشباب في ظرف 18 يوماً فقط أن يفعلوا ما لم يقو على فعله جميع الأحزاب المعارضة قاطبة خلال 10950 يوماً!

أحد هؤلاء الشباب العظيم يقول إنه «مجرد بوق»!

قالها فتذكرت الأبواق الأخرى لدينا التي يُنفخ فيها لنسمعها في كل لحظة بصوتها النشاز تكرّس آية الظلام، وسورة الطغيان،

قصائد عصماء تمجّد الأوثان،

ومدائح تتغنى وتعظّم البراغيث التي أصابت الشعوب بالأنيميا،

شعر يرتفع ليتهاوى تحت أقدامٍ سَحقت كرامة الوطن ومواطنيه،

الفرق بين «البوق» وائل غنيم وأبواق نسمعها هنا أن ذلك البوق نفث النار بوجه القبح، بينما أبواقنا «تمكيج» وجهه، وتعطّر أنفاسه الكريهة بالنعناع والحَبَق،

الفرق بين البوق وائل وأبواقنا، أن الأول حمل صوت الأرض ونبض الناس التي تحب تلك الأرض، بينما أبواقنا تزوّر صوت الأرض وتزيّف نبض الناس،

الحقيقة التي تغيب عن أذهان البعض، ان الفجر يأتي دائماً حتى وإن تأخر... فهو يأتي حتماً...

هذا ما يقوله التاريخ ويكرره من حين لآخر، إلا أن هناك من لا يريد أن يصدّق،

وعندما يأتي الفجر... يسقط الظلام وتسقط معه كل الأبواق المصاحبة له،

وعند الحساب لن يقل جرمها عن جرم صنّاع الظلام، وستذهب أصواتهم حينها إلى مزبلة تحوي رائحتها النتنة،

لا تصدّق تلك الأصوات أن هذا ما يحدث دائماً، ولا تتعظ من الدروس التي يكررها التاريخ عند كل سقوط لطاغية وانهيار لفاسد.

النعيم الآني الذي تعيشه تلك الأبواق يشوّش تفكيرها، ويُربك حساباتها فتظن أنها في جنة خالدة، وفردوس لا يزول!

أمثلة كثيرة لشعراء كنستهم رياح الحق مع العفن، ليصبحوا نسيا منسيا في ذاكرة الضياء،

أمثلة كثيرة لشعراء امتلأت بطونهم بطعام شهي من مائدة الفساد، ثم أصبح ذلك الطعام سمّاً أودى بحياتهم،

أوجه ندائي إلى كل الأبواق وخصوصاً في ساحة الشعر...

لك أن تختار بين أن تكون بوقاً كريهاً، أو بوقاً كريماً كوائل غنيم.