لم تنجح الولايات المتحدة بكل ما لديها من قدرات وإمكانات مذهلة في منع نشر الوثائق السرية العسكرية الأميركية من خلال مجموعة صغيرة وموقع شبه متوقف يدعى ويكيليكس.

Ad

وحيث إنه قد جرى التشكيك في قدرة "ويكيليكس" ومؤسسه جوليان آسانغ على المضي بالنشر، اكتشف العالم أن هناك سلطة خامسة قد بدأت في التكوين والتشكيل.

فلئن كنا قد أوجدنا مصطلح السلطة الرابعة وأعطيناه للصحافة بعد السلطات الثلاث فإن الاختراق التاريخي لويكيليكس يجعلها ماضية في طريقها لأن تصبح سلطة خامسة.

ويعد نشر 400 ألف وثيقة عسكرية أميركية سرية أكبر عملية تسريب لوثائق سرية في تاريخ الولايات المتحدة، متجاوزة بذلك آخر عملية تسريب لـ77 ألف وثيقة سرية حول حرب أفغانستان في يوليو الماضي، أيضا بواسطة ويكيليكس.

من جانبها، سعت الولايات المتحدة بكل الوسائل إلى إيقاف النشر بحجج متعددة، ومحاولات متنوعة كالتضييق على الموقع وإغلاق حساباته لدى الشركات التي توفر التبرعات، وخصصت فريق عمل تقنياً بلغ عدده 120 اختصاصياً لمتابعة النشر وتحديد درجة تأثيره على المصالح الأميركية، بل إن أحد أعضاء الكونغرس من أقصى اليمين طالب بإعدام ضابط يتم التحقيق معه بتهمة الخيانة العظمى.

اللافت في الموضوع هو أن موقع ويكيليكس ذاته متوقف عن العمل منذ أكثر من أسبوع، ومع ذلك فقد تمكن القائمون على الموقع من ترتيب النشر عبر مؤسسات إعلامية كبيرة كنيويورك تايمز واللوموند والغارديان وديرشبيغل وغيرها، وأصبح بالإمكان قراءة الوثائق عبر موقع جديد يسمى Iraq war logs.

بل إن آسانغ عقد مؤتمراً صحافياً في فندق بلندن يوم السبت مدافعاً عن النشر قائلاً: "إن نشر الوثائق يدور حول الحقيقة، نحن نتمنى من خلال النشر أن نصحح الاعتداء على الحقيقة، والذي ظهر قبل الحرب وأثناءها والذي استمر حتى أعلن رسمياً نهاية الحرب".

ويتضح من الوثائق الأميركية أن أكثر من 60 في المئة ممن قتلوا في أعمال العنف بالعراق هم من المدنيين، يضاف إلى ذلك تفاصيل كثيرة تجعل من فضيحة سجن أبوغريب أقل وزناً وأهمية.

بعد نجاح "ويكيليكس" في نشر وثائقه السرية، واتضاح مدى محدودية القوة لمنعها، فإننا لا نبالغ بالقول إن قلنا إن سلطة خامسة قد ولدت. يبقى أننا بانتظار الوثائق السرية الخاصة بمنطقتنا، وعلينا أن نتخيل حالة القلق والفزع التي ستصيب المنطقة والقائمين على شؤونها.