كشفت حرائق الكرمل في منطقة حيفا عورة إسرائيل أمام شعبها وأمام العالم بأسره، فهذه الدولة النووية التي تملك الصواريخ المتطورة وقفت عاجزة أمام ألسنة اللهب التي تأكل الأخضر واليابس "النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ" صدق الله العظيم. وهذا درس يجب أن تأخذ منه العبر "الشقيقة العزيزة" إيران التي تعتقد إن هي امتلكت السلاح الذري فإنها ستمتلك قرار الشرق الأوسط ورقاب أهلِهِ ورؤوسهم!

Ad

ليس يُنْجي مُوائِلاً من حذارٍ

طوْدُ عزًّ أوْ حرَّةٌ رجلاءُ

فإسرائيل التي دأبت على تكديس مئات الرؤوس النووية اعتقدت بأنها قادرة على أن تعربد في هذه المنطقة بالطول والعرض وظنَّت أن تورُّم عضلاتها النووية إلى هذا الحد سيكفل لها الاحتفاظ بما تحتله من أراضٍ فلسطينية وعربية إلى الأبد، لكن ها هي الحقيقة تتكشف من بين ألسنة النيران التي تعالت في كرمل حيفا وتضطر أصحاب القنابل الذرية وجدران الفصل العنصري إلى الاستنجاد بجيرانهم الذين كانوا ينظرون إليهم باستعلاء وفوقية.

كان يجب على إسرائيل أنْ تدرك قبل أن يصل بها الخُيلاء إلى ذروته أن القنابل الذرية منذ اختراعها لم تستخدم إلا مرة واحدة أي خلال الحرب العالمية الثانية عندما ارتكبت الولايات المتحدة تلك الجريمة البشعة وقصفت هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين بأبشع وأشرس سلاح عرفته البشرية، وأنه منذ ذلك الحين لم تتجرأ أي دولة في العالم بما في ذلك أميركا ذاتها على استخدام هذا السلاح.

لم تستطع الولايات المتحدة استخدام السلاح النووي وإن هي هددت باستخدامه عندما بلغت أزمة خليج الخنازير ذروتها وأوصل السوفيات صواريخهم إلى كوبا التي غدت تعتبر الدَّملة الملتهبة تحت إبْط أميركا، كما أن الولايات المتحدة قد قبلت تلك الهزيمة المذلة عندما انتهت حرب فيتنام بفرار جنودها من سايغون كالفئران المذعورة ولم تستطع تكرار استخدام قنابلها الذرية على غرار ما فعلته في هيروشيما ونجازاكي.

في هذا العصر أصبح بإمكان شخص واحد أن يفعل في تل أبيب ما فعلته قنابل أميركا النووية في هيروشيما ونجازاكي بإستخدام كميات من غاز السارين وهذا ما يجب أن يدركه الإسرائيليون الذين يجب أن يدركوا أيضاً أن بقاءهم في هذا الشرق الأوسط مرهون باستعدادهم الصادق للتعايش مع أهله وفقاً لسلام حقيقي وعادل، يعطي كل ذي حقًّ حقه وليس وفقاً للصواريخ والأسلحة الفتاكة ولا وفقاً للاعتماد على الأميركيين الذين اشتهروا بأن مصالحهم تجعلهم يتخلون عن أقرب الأصدقاء قبل أن يصيح الديك.