في ذلك المجمع التجاري الضخم في دبي، رأيت طفلة هندية منهمكة كانت تلعب في إحدى اللعب الحديثة التي لا أفقه فيها شيئا، تحرك يديها وتتحرك الشاشة بدورها، ثم لعب إلى جانبها طفل عربي كان يتحدث بلغة الإشارة، فلا لغة تجمع بينهما على ما يبدو، حيث لم يتعديا الخامسة، وبين الفينة والأخرى يتغير من يلعب معها... أطفال من جميع الجنسيات والأشكال المختلفة، هكذا كان التجانس طبيعيا وغير متكلف، يلعبون ويذهبون وهذه الطفلة كانت البطلة في ذلك اليوم، ابتسمت وأنا أراهم منسجمين دون أي تفرقة عنصرية.
قد تكون دبي كأي عاصمة في أي دولة أوروبية لا تنحاز إلى أجناس الناس، فالكل يتحدث مع بعض دون تكلف أو غرور، والجميع يبدون ودودين، ولكن هذا التطور والمعمار جعل هذه المدينة الجميلة تتسم بقسوة غريبة لست أفهمها.فالكل يبحث عن مدخول أكبر ليعيش في هذه المدينة التي تكلف كثيرا، فكل شيء بحساب ولا شيء يندرج تحت قائمة متواضع أو رخيص، هكذا كانت رؤيتي لدبي، جميلة وقاسية كقلب امرأة أحبت يوما وهجرها حبيبها، كانت دبي مرسى للعرب والخليجيين واليوم تجدها مرسى لكل الشعوب، وكأنها خسرت شيئا من جمالها حين أصبحت تتسم بهذا الطابع الغربي القاسي الذي لم نعتده كعرب نتسم بشاعرية كبيرة. ولكن لا أستطيع أن أنكر أنها بقعة جذب بفعالياتها المتعددة، ومجمعاتها الضخمة وقدرتها على التغلب على قسوة فصل الصيف، حيث طوعت إمكاناتها لتحقق المستحيل.ولكن أين الكويت، عاصمة الأدب والثقافة والفن والإبداع؟! هذا البلد الذي لم يفقد شعبيته عند الكويتيين ومازال الأجمل في عيوننا، فمهما تغربنا وسافرنا فنحن لها، ولكن ما يحدث فيها يعصر قلوبنا، فتحولها إلى مدينة تخضع لسلطة التيار الديني هو إجبار وليس اختيارا، وتلذذ النواب بتقليص مسببات الفرح هو إجبار وليس اختيارا، وهروب المستثمر الأجنبي من الكويت هو إجبار وليس اختيارا.تبدو الكويت جميلة جدا في مساءات الشتاء، وفرحة الأطفال باللعب في الأماكن المفتوحة وليس بتلك الأجهزة الحديثة، فأنا أشعر في الكويت بأنني في عالم حقيقي وليس مزيفا، ولكن أشعر بأننا نختنق من قضايا السياسة ومجلس الأمة ومثيري الفتن، وبتنا نستذكر دوما ماضينا الجميل، وكأن واقعنا لن يتطور، وكأن أحلامنا لن تتحقق بالتطور والتمدن، وتلك هي سلسلة إحباطات نعانيها، نحن الأفراد العاديين الذين نود أن نعيش في بلد يضمن لنا الاستقرار والسعادة دون أي معارك سياسية أو اجتماعية.قفلة:قد تحقق لك الماديات سعادة وقتية لكنها زائلة, وقد تحقق لك السلطة قوة لكنها زائلة، ولكن عندما تحقق أحلامك وتبدأ بتنفيذ طموحاتك فأنت في الطريق إلى سعادة قادمة، فأتمنى لكم جميعا سعادة قادمة... فاسعوا وراء أحلامكم فهي السبيل لنجاتكم. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
منظور آخر: بين الحلم والحقيقة
03-12-2010