عندما كنت طفلة كانت نظرتي إلى رجال الأمن والشرطة بكثير من الاحترام والتقدير؛ حتى أني كنت أود أن أقوم بتحيتهم أينما أراهم ظناً مني بأنهم يقومون بحمايتنا وحفظنا من الخطر، وكبرت وكبر معي الاحترام؛ إلى أن عرفت وأدركت قريباً أنهم، أقصد بعضهم، ليسوا حراسا على سلامتنا، بل هم أدوات تعذيب تمشي بزي عسكري... هكذا بتّ أراهم.

Ad

تحولت نظرة الإعجاب والاحترام إلى خوف واشمئزاز عندما أراهم، لأني صرت أشعر أنهم لا يستحقون أن يكونوا رجال أمن أو يعملوا في هذا السلك الحساس، والكثير من المواقف أكدت لي مدى قباحة أفعالهم وعقدهم النفسية الدفينة التي جعلتهم يختارون هذا المجال فقط للتعبير عن غضبهم من المجتمع من خلال إيذاء أفراده.

رغم كل هذه الخلفية التي أمتلكها عن رجال الشرطة أو الضباط فإنني لم أكن لأتخيل أن يصل الفساد في وزارة الداخلية إلى أن يتم تعذيب شخص، وإلصاق تهمة به زوراً وتعذيبه حتى الموت.

تم اعتقال المواطن محمد غزاي المطيري بتهمة أنه تاجر خمور، واتضح بعد ذلك أنهم ألصقوا هذه التهمة به زورا، وتم تعذيبة بشتى أنواع التعذيب وأبشعها، وكأنه جاسوس أو خائن لوطنه، وفي النهاية لم تكن هناك حتى تهمة حقيقية تستدعي حبسه، فما بالك بتعذيبه على هذا الشكل المروع؟!

لا نعرف كم من «محمد غزاي المطيري» موجود الآن في المباحث، ويتم تعذيبه والضغط عليه وإهانته من دون أي جريمة تستحق كل هذا التعذيب! فلولا موت المطيري لكانت هذه الممارسات في طي الكتمان، ولما عرفنا عنها شيئا، ولكن شاء القدر أن يفضحهم حتى نعرف أن هناك ممارسات خاطئة وشنيعة تمارس في حق الإنسانية... ومن يمارسها؟! إنهم رجال الأمن والذين من المفترض أن يحمونا ويحرسونا!!

لا نعرف ماذا يحدث للمساجين «القصر» من تعذيب؟! فلقد سمعنا العديد من قصص التعذيب والاغتصاب من قبل رجال الداخلية لهم، ولا نعرف ماذا يحدث للوافد إن قام بأي مخالفة، ولا نعرف ما قد تتعرض له المرأة إن كانت متهمة؟ هل تتعرض لتحرشات جنسية ولفظية؟

بات كل شيء ممكنا، لأن ما قام به رجال المباحث شيء لا يغتفر، حيث تم «تلبيس» المتهم بتهمة لم يفعلها وتعذيبه من دون وجه حق، ومن ثم القيام بمحاولات عدة لتغيير أقوال الشهود والأطباء!! أي تمت ممارسة كل الأفعال القبيحة والمشينة التي تعد صفحة قبيحة في سجل وزارة الداخلية!

وبما أني مواطنة كويتية مستاءة فلن أقوم بزيارة أي مخفر دون وفد من جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر، ولن أخضع لأسئلة أي شرطي في الطريق يود مضايقتي، ولن أحترم رجال الشرطة بعد اليوم حتى يكسبوا ثقتي من جديد.

لا يكمن الحل في استقالة وزير وتعيين آخر... الحل في فرض رقابة على رجال المباحث والشرطة وإخضاعهم للفحص النفسي والعقلي ومراقبة ممارساتهم في العمل من قبل جهة إنسانية عالمية، لأن أبناء هذا الوطن والمقيمين فيه ليسوا دمى بأيدي رجال المباحث والشرطة، بل هم كيان بشري يستحق الاحترام قبل أي شيء!

قفلة:

تمت «الطمطمة» وتناسي العديد من القضايا في الكويت دون أن تحرك الحكومة أي ساكن: تجار مخدرات من أسر معروفة تم التستر عليهم... وهناك من قُتِل من قبل أشخاص نُسِبت لهم أمراض نفسية... وسراق المال العام تبوءوا مناصب عليا في البلد، هذا هو الفساد الحقيقي، ومن هنا نطالب مجلس الأمة بممارسة دوره بإلحاح الضمير الحي!