إن فضائح الفساد بشتى أشكالها لن تتوقف، إذ سنكتشف المزيد منها كل يوم، ومن ضمنها تلك التي لها صلة مباشرة بصحة الإنسان... المؤلم هنا أن قصور الأجهزة الحكومية وتأخرها في اكتشاف قضايا الفساد التي لها صلة مباشرة بصحة الإنسان يكون عادة ثمنها باهظا على الإنسان ذاته.

Ad

 فضيحة اللحوم الفاسدة أو المسمومة التي كشفتها الصحافة في الآونة الأخيرة ليست إلا مظهراً آخر من مظاهر الفساد العام المستشري في مؤسسات الدولة وأجهزتها كافة، والذي بدأ يأخذ أبعادا خطيرة وصلت إلى حد التدمير المباشر لصحة البشر.

 لقد سبق أن شاهدنا مظاهر أخرى متعددة للفساد المؤثر في صحة الإنسان، والتي تفجرت على شكل فضائح مثل فضيحة محطة الصرف الصحي في منطقة مشرف التي تسببت في التلوث الرهيب والمستمر للبيئة البحرية التي نحصل على مياه شربنا ومأكولاتنا البحرية منها، ومثل فضائح التلوث البيئي المخيف في المناطق السكنية التلوث الخطير في منطقة علي صباح السالم "أم الهيمان"، والتلوث الخطير أيضا المتسرب من نفايات منطقة القرين أو من المحارق الطبية المنتشرة بالقرب من بعض المناطق السكنية، فضلا عن التلوث والدمار البيئي الذي سينتج عن المشاريع الإنشائية الضخمة التي تنوي الحكومة إقامتها ضمن "خطة التنمية" خلال السنوات القليلة القادمة والتي تحذر من خطورتها على صحة الإنسان الكثير من الدراسات البيئية الرصينة.

وحيث إن هنالك قصورا معيبا في السياسات الحكومية المتعلقة بمحاربة قضايا الفساد عامة والحد من انتشارها، فإن فضائح الفساد بشتى أشكالها لن تتوقف، إذ سنكتشف المزيد منها كل يوم، ومن ضمنها تلك التي لها صلة مباشرة بصحة الإنسان... المؤلم هنا أن قصور الأجهزة الحكومية وتأخرها في اكتشاف قضايا الفساد التي لها صلة مباشرة بصحة الإنسان يكون عادة ثمنها باهظا على الإنسان ذاته، فالمزيد من الفساد يعني المزيد من الضرر على صحة الإنسان.

ويزداد الأمر سوءاً إذا ما عرفنا أن اكتشاف الفساد من خلال وسائل الإعلام أو بعض الأجهزة الحكومية يكون عادة بعد مرور مدة زمنية طويلة على استهلاكها من قبل بعض المستهلكين، مثل قضية اللحوم المسمومة الآنفة الذكر، أو قضية المواد الغذائية التي اكتشفتها بلدية العاصمة قبل يومين رغم أنها منتهية الصلاحية منذ 5 أشهر كما صرح بذلك رئيس فريق طوارئ بلدية العاصمة السيد طارق القطان، حيث قال إن "فريق التفتيش تمكن من ضبط ومصادرة نحو 3.5 أطنان من المواد الغذائية المنتهية الصلاحية منذ 5 أشهر، وهي عبارة عن حلويات ومعلبات وزيوت وأجبان وحليب" (القبس 13 نوفمبر 2010).

لذلك فإن قرار الحكومة الأخير بسحب ترخيص إحدى شركات اللحوم الفاسدة وفروعها التسعة يعتبر جيداً، لكنه غير كاف ويحتاج إلى المزيد من الشفافية، ولا بد من أن تعلن الحكومة بشكل واضح وشفاف الإجراءات الأخرى التي ستقوم بها تجاه شركة اللحوم الفاسدة أو شركات المواد الغذائية الأخرى التي اكتشفت قبل يومين، حيث إنه من الضروري أن يكون من ضمن الإجراءات الحكومية الإعلان عن أسماء هذه الشركات الفاسدة بشكل صريح حتى يستطيع المستهلكون، إن أرادوا، مقاضاتها عن الضرر الصحي الذي وقع عليهم أو على الأقل، لكي يعرفوا نوعية بضائعها، إذ إنه من المحتمل جدا أن بعض المستهلكين مازالوا يستهلكون بضائع هذه الشركات، خصوصا أن بعض هذه البضائع كاللحوم والمواد الغذائية من الممكن تخزينه في برادات المنازل أو المطاعم لمدة طويلة.