محمد الجاسم أم «جاك ذ ريبر»؟

نشر في 09-12-2010
آخر تحديث 09-12-2010 | 00:01
 حسن العيسى كيف نفهم إحضار سجين الرأي محمد الجاسم بملابس السجن إلى المستشفى لإجراء عملية في القلب "والكلبجات" في يديه، ومن بعد يقيد في سرير المرض من يده وقدمه؟ ما هذا؟ هل تخيل القائمون على السجن أن تنبت أجنحة فجأة للمسجون ويطير هارباً مخترقاً سقف المستشفى، أم أنهم تصوروا أن المتهم، وهو حتى هذه اللحظة يعد بريئاً لعدم صدور حكم نهائي بإدانته، اسمه السفاح "جاك ذ ريبر"، وليس محمد الجاسم المسجون في قضية رأي لم يصدر بها حكم نهائي؟ هناك اعتبارات إنسانية ومعايير دولية كان يتعين حسابها في معاملة أي سجين، ولو لم ينص عليها قانون السجون، فما بالنا هنا حين نتحدث عن سجين رأي يعاني انسداداً في شريان بقلبه...!   

عيب كبير ذلك التصرف من إدارة السجون وعيب أكبر على من أصدر تلك الأوامر والتعليمات "العليا" بمنع أهل المتهم من زيارته في المستشفى وعدم السماح لهم بتزويده بالملابس الملائمة أول الأمر، ولم تكن هناك حاجة إلى إجراء الاتصالات بعدة جهات للسماح بما هو مفترض مسبقاً بأنه مسموح ويندرج تحت باب الحد الأدنى من حقوق الإنسان في المعاملة اللائقة، فتلك بديهيات لا تتطلب الكثير من الجهد لإعمالها نحو أي سجين، ومن باب أولى سجناء الضمير.

أكرر: محمد الجاسم بريء حتى الآن، وكان يتعين معاملته وفقاً لمنطق البراءة المفترضة، وحتى تستنفد المحاكم الأعلى درجة ولايتها في نظر القضية، فهناك استئناف مقام من محامي المتهم، وبهذا الاستئناف يقرر وكيل المتهم بأن  محكمة أول درجة، التي قضت بالإدانة، لم تلتزم بمبدأ أقرته محكمة التمييز أخيراً، قضى بأنه ليس من حق النيابة العامة الادعاء في قضايا الجنح، وأن سلطتها المفوضة من وزارة الداخلية قاصرة على "التحقيق والتصرف"، ولا تمتد إلى الادعاء، وهناك أسباب أخرى طعن بها المتهم على الحكم الابتدائي الذي قرر إدانته، وليس هذا مكان عرضها، فما يهم ويكدر ضمير العدالة اليوم هو معاملة السجين بصفة عامة، وبقضايا الرأي بوجه خاص، فلا معنى أن يحضر السجين إلى المستشفى بملابس السجن، والمادة 28 من قانون السجون صريحة بأن "للمسجونين من الفئة (أ) الحق في ارتداء ملابسهم الخاصة، وذلك ما لم تقرر إدارة السجن مراعاة للصحة أو النظافة أو لمصلحة الأمن، أن يرتدوا ملابس السجن الرسمية..." فأين هي اعتبارات الصحة أو النظافة أو الأمن في فرض ملابس السجن على محمد الجاسم حتى وهو في المستشفى، وأين هي الاعتبارات "الأمنية" الكبرى لوضع الكلبجات في يديه وقدميه؟؟ أي رسالة قاسية ومحزنة من ذوي الشأن يريدون إيصالها إلى محمد الجاسم وغير الجاسم ولكل من يفكر في التطاول على الكبار؟!

back to top