النظام... ومرحلة كسر العظم

نشر في 16-12-2010
آخر تحديث 16-12-2010 | 00:00
 د. ساجد العبدلي من الواضح الآن لكل من لديه بصيرة أن الشيخ ناصر لم يعد خيار القيادة العليا دائماً لرئاسة الحكومة فحسب، إنما صار بقاؤه ورحيله يعنيان الانتصار أو الهزيمة في نظر النظام، والنظام، خصوصاً في هذه المرحلة التي أريد لها أن تصل إلى نقطة كسر العظم، لن يقبل بالهزيمة أبداً!

هل من حق النواب تقديم استجواب على خلفية الأحداث التي جرت في ندوة الصليبيخات؟ نعم بلا شك، وهل تستحق المسألة تخطي وزير الداخلية، والقفز إلى استجواب رئيس الوزراء مباشرة؟ نعم بلا شك، حسناً، وهل سيصل هذا الاستجواب إلى نتيجة مباشرة؟ لا أتصور ذلك!

هذا الاستجواب لرئيس الوزراء، سيكون الاستجواب الثامن، والثامن ليس كالأول بحال من الأحوال، وكلنا يذكر كيف سببت فكرة الاستجواب الأول بحد ذاتها أزمة سياسية ضارية، حين كان الأمر برمته شيئاً مجهولاً للجميع، فكانت هي الممارسة الأولى من نوعها في تاريخنا السياسي، ولذلك كان هناك خوف من مواجهة ذاك المجهول بكل دلالاته وإيحاءاته، وكان هناك القلق على هيبة الأسرة والنظام، وكذلك عدم ثقة الحكومة من سيطرتها على كل خيوط اللعبة، وغيره وغيره، إلا أن هذا كله قد تلاشى اليوم، وصار استجواب الرئيس بالنسبة له ولحكومته وللأسرة، أمراً مألوفاً، أشبه ما يكون بمؤتمر صحفي ثقيل على النفس لا أكثر.

تسيطر الحكومة اليوم على أغلب مفاصل اللعبة السياسية، فهي ممسكة بقطاع عريض من النواب من النوعيات والمستويات المختلفة، وكذلك بعشرات الوسائل والتكتيكات للتحكم بمجريات الأمور برلمانياً وإعلامياً وشعبياً، لذلك فلم يعد هناك الكثير مما هو خارج الحسابات، وبالتالي هل من الممكن أن نتصور أن تطرح الثقة بالشيخ ناصر المحمد إثر هذا الاستجواب الجديد؟ أتصور أن هذا صعب جداً، بل حتى لو تطورت الأمور وخرجت عن السيطرة الحكومية، ووصلت إلى خيار حل البرلمان، وإعادة تشكيل الحكومة إثر ذلك، فواضح الآن لكل من لديه بصيرة أن الشيخ ناصر لم يعد خيار القيادة العليا دائماً لرئاسة الحكومة فحسب، إنما صار بقاؤه ورحيله يعنيان الانتصار أو الهزيمة في نظر النظام، والنظام، خصوصاً في هذه المرحلة التي أريد لها أن تصل إلى نقطة كسر العظم، لن يقبل بالهزيمة أبداً!

لكنني مع ذلك أرى أن هذا الاستجواب بالذات قوي ومهم برمزيته فهو في جوهره ممارسة احتجاجية على تطورات الأحداث، وعلى تعسف السلطة في تعاطيها مع ما حدث، ولعله يحمل أيضا رسالة، لا أدري إن كانت مقصودة من قبل مقدمي الاستجواب، بأنه حتى إن كان هناك من يحاول إخراج مجريات اللعبة السياسية الكويتية عن مساراتها الدستورية، عبر إفراغ نصوص الدستور من دلالاتها من خلال الممارسات التي حصلت، فإن هناك من النواب من سيستمرون في المقابل بإعادة مجريات هذه اللعبة نحو تلك المسارات الدستورية، من خلال تقديم هذا الاستجواب، إذن ففي هذا الاستجواب قيمة معنوية كبيرة للكيان البرلماني، وللإرادة الشعبية التي آلمتها أحداث الأيام الماضية.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top