الاغلبية الصامتة: مظاهرات داخل مختبرات السنع
مؤشر تضارب المصالح والمواقف في بورصة الحياة السياسية وصل إلى أعلى درجات الصعود بأرقام قياسية، فلدينا في كل قضية اصطفافات وأبطال و»مساطر» مختلفة، وما يجوز هنا لا يجوز هناك، بلا مبدأ ولا جمهور «يعد الطعام»، ويحسب التناقضات الصارخة في اليوم الواحد، أصبح الكبار والصغار يغردون في عالم التناقضات ولا ينام الواحد منهم قبل تعليق نيشان عداوة جديدة على صدره، ولا يصحو إلا و»طلبية» السكاكين وعلب «الرش» قد وصلت سعيا إلى نيشان جديد.
مجتمعنا بحاجة إلى هزة عنيفة تضرب أساساته بعد أن تحول إلى سوق دولية لتصريف بضائع الفتن، بحاجة إلى حملة تطعيم وطنية ضد الحصبة الإقصائية، وقبل ذلك مجتمعنا بحاجة إلى حملة توعية للوقاية من الأمراض المعدية؛ خوفا على المحايدين الذين يعيشون يومهم بهدوء، ولا يريدون المشاركة في سباق المسافات الهمجية لأنها تهدم عوالمهم الهانئة بالامتزاج والتداخل والمصاهرة.اليوم وقبل «جمعة الدستور» ألم تلاحظوا أننا موعودون بالمصائب بلا انقطاع؛ ربما كان السبب في الاتساع الإعلامي خاصة الإعلام الإلكتروني، وربما بسبب ضمور أجهزة الدولة مقابل انتعاش مراكز القوى الهادمة، وربما أيضا بسبب الحالة الاستثنائية التي تعيشها مراكز اتخاذ القرار والظروف والأدوات التي خلقتها لهدف حمايتها، فإذا ما زال السبب زالت معه ثلاثة أرباع الإرهاق السياسي الذي تمر به الكويت.الشيء الوحيد المؤكد هو أننا نخسر ثلاثة أشياء لا يمكن تعويضها بالمال مهما كثر: الأول هو الوقت، والثاني هيبة الحكم والقانون، والثالث الفرص الاقتصادية التي يضاعف التأجيل كلفتها المالية.إن «جمعة الدستور» كأي دعوة لتفعيل أدوات الرقابة الشعبية وممارسة حرية التعبير، وحق الاعتراض على السياسات العامة ليس بحاجة إلى إعادة تعريف من الدستور، أو مباركة من نواب مجلس الأمة، أو إذن من أجهزة الدولة الأمنية؛ لأنه حق من حيث المبدأ لا تنتقل صلاحيات ممارسته بمجرد انتخاب المرشح الفائز بالانتخابات.كما أن الديمقراطية لا تختصر ممارستها داخل مجلس الأمة، وهذا بالطبع ما ينادي به بعض من يساندون الحكومة بصورة غير مباشرة؛ لأنهم يعلمون أن مجلس الأمة في جيبها العلوي.إذن ليس عندي أي شك أو اعتراض على «جمعة الدستور» أو «خميس الغضب» أو «سبت السبمبوت» أو حتى كلمة «لكن» التي تمسح ما قبلها، فما لدي هما رسالتان: الأولى هي إلى منظمي «جمعة الدستور»: أيها الإخوة ساحة الصفاة لا تصلح لنشاطكم لأنها بلا مواقف كافية، ويسهل تضخيم أي اختناق مروري يحصل حولها من قبل الإعلام المصطنع، وساحة الإرادة مناسبة لأنها واسعة، وأرضها مزروعة، وتحظى بقبول واسع من المتفاعلين مع مثل هذه الأنشطة ومنهم العنصر النسائي. الرسالة الأخيرة هي إلى ملوك الطاقة السلبية وزعماء ثورات الغرف المغلقة: أيها السادة التحركات الشعبية لا تتم داخل المختبرات حتى تخرج بالصورة بالمثالية و»السنعة» التي تستحق قبولكم الأسطوري بها، هي مبادرات كفلها الدستورية معرضة كأي موقف سياسي للنقد والتقييم، ولكن الأسئلة المهمة هي: ماذا فعلتم أنتم؟ وما مبادراتكم وبديلكم للإصلاح في أي مجال؟ وهل أنتم مؤيدون للفريق الثاني وتتخفون بالمثاليات؟ وهل الرفض مصدره هوية من يتحرك أو القضية التي يتبناها؟ مع الأسف لدينا في كل قضية اصطفافات وأبطال و»مساطر» مختلفة.***الفقرة الأخيرة:من يعمل يحق له النقد بقدر عمله ومن لا يعمل شيئا فكلامه منعدم الأثر.