خزندار والمهمة الأصعب


نشر في 15-05-2011
آخر تحديث 15-05-2011 | 00:01
 آدم يوسف ليست سهلة تلك المهام الملقاة على عاتق السعودية منى خزندار بعد توليها منصب المدير العام لمعهد العالم العربي في باريس، فهذا المعهد يشهد تراجعا كبيرا في أنشطته وحضوره الثقافي، منذ ما يزيد على خمس سنوات، كما أنه لم يكن يخلو من البيروقراطية العربية، والتكدس الوظيفي، الأمر الذي أرهق ميزانيته، وتسبب بحرج كبير لمسؤوليه أمام الدبلوماسيين الفرنسيين ووسائل الإعلام.

اختيار منى خزندار السعودية لم يأت لدواع «تمويلية» فحسب، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن السعودية والكويت تأتيان في مقدمة الدول المانحة للمعهد، بل ثمة أسباب أخرى من بينها أحقية خزندار ذاتها لهذا المنصب الذي يشبه في كثير من حالاته تمثيليا دبلوماسياً، قبل أن يكون شأناً ثقافياً صرفاً، فخزندار ابنة المعهد، عملت فيه ما يزيد على عشرين عاماً، فهي السؤولة عن المجموعة الدائمة للفن الحديث والمعاصر في المعهد، وأشرفت بشكل مباشر على العديد من أنشطته في فرنسا والدول العربية، الأمر الذي ألمحت إليه خزندار في لقائها مع «الوطن» السعودية بعد توليها المنصب، كما أنها حاصلة على شهاداتها العليا من جامعة أميركية ومن السوربون العريقة.

وكانت خزندار تحدثت إلى قناة «فرنسا 24» بعد توليها المنصب، واستطاعت تجاوز العديد من الأسئلة المتعلقة بوضع المرأة العربية، آخذة في الاعتبار أنها تمثل المملكة العربية السعودية، وقالت: إنها متفائلة، وثمة إشارات تؤكد تقدم المرأة السعودية وتمثيلها لبلدها، كما أن المستقبل سيكون أفضل.

وتسعى خزندار إلى تجاوز مسألة الحديث عن المرأة تحديداً، فهي ليست المرأة الأولى فحسب بل أول «خليجي» يتولى هذا المنصب، وكانت تقارير تحدثت في السنوات السابقة عن ضعف دور الدول الخليجية في توجيه دفة المعهد، وقالت إنها تسعى إلى إعادة الاعتبار للدور الخليجي.

ولعل من أهم التحديات التي تواجهها خزندار، إدارة احتفالية المعهد بمرور 25 عاماً على إنشائه التي تحل السنة المقبلة، وهي احتفالية متعددة الأنشطة، وتحتاج إلى إدارة مالية ومكتبية حكيمة، وكذلك إعادة الاعتبار لمهرجان السينما العربية في باريس، الذي ألغي في سنوات ماضية، بسبب الميزانية الضخمة التي تنفق عليه بحسب مدير المعهد السابق الجزائري مختار طالب بن دياب، الذي قال في تصريحات للصحف الجزائرية إن الاحتفالية كانت تستنزف ما يعادل نصف تكلفة احتفالية مهرجان «كان» السينمائي، وهو بكل تأكيد مبلغ ضخم للغاية.

وبغض النظر عن دقة المعلومة التي أدلى بها مدير المعهد السابق فإن إعادة هذه الاحتفالية إلى الواجهة ستضع خزندار في حالة جدل جديدة مع المثقفين ووسائل الإعلام، وكان الفرنسيون تحدثوا في أكثر من مرّة عن ضعف التمويل العربي للمعهد الذي يتلقى نصف ميزانيته تقريباً من الحكومة الفرنسية، والنصف الآخر من أنشطة المعهد الداخلية، وتبرعات الدول الأعضاء.

وكانت تقارير تحدثت قبل أربع سنوات تقريباً عن «توجهات» جديدة للحكومة الفرنسية على هيئة اقتراحات، بتغيير أساسي في هيكلية المعهد، وتحويله إلى شراكة فرنسية-إسلامية، أو أورو متوسطية، لإعادة تمويله، وتجديد الدماء فيه بعد أن توقفت الدول العربية تقريباً عن دعمه، وكان البرلماني الفرنسي دومينيك بوديس، تحدث صراحة عن تقصير الدول العربية إزاء دعم المعهد «ماديا».

تحظى خزندار بدعم غير محدود من وطنها السعودية، وتحمل في الوقت ذاته على عاتقها هذه المسؤوليات الدبلوماسية، الإدارية، الاقتصادية، فهل تنجح في قيادة المعهد إلى بر الأمان والخروج به من مآزقه العديدة؟

الترحيب الذي شهدناه في وسائل الإعلام بعد توليها المنصب يدل على تفاؤل الأوساط الثقافية العربية، خصوصاً أن خزندار خارجة من رحم الجناح الأهم في المعهد «المتاحف والفنون»، وكانت أعربت عن عدم إهمالها للنواحي الفكرية، والندوات المتعلقة بالإبداع شعراً ونثراً في شقيه العربي والفرنسي.

back to top