بإمكان "حزب الله"، بدل كل هذا الجحيم الذي يعيشه لبنان وهو ينتظر قرار المحكمة الدولية، أن يضع حداً لكل المخاوف والحسابات الغارقة في التشاؤم بأن يتحلى بجرأة المقاتل الشجاع، ويعلن أنه إذا طال الاتهام المنتظر والمتوقع بعض أعضائه، بغض النظر عن مواقفهم، فإنه سيتبرأ منهم منذ الآن، وإنه سيبادر إلى اعتقالهم على الفور على اعتبار أنهم بارتكابهم هذه الجريمة النكراء قد خانوا المقاومة قبل أن يخونوا وطنهم وشعبهم.
لا توجد أحزاب عصية على الاختراق، إذ إن حتى الأحزاب الحديدية التنظيم، ومن بينها الحزب النازي الهتلري، قد ثبت أنها اخترقت من قبل أعداء بلدانها، وحقيقة إنه لا يعيب "حزب الله" ولا يمس تضحياته وجهاده أن يثبت أن من بين أعضائه ضعاف النفوس الذين تم إسقاطهم بطريقة من الطرق الخبيثة المتعددة الأشكال التي يتبعها في العادة جهاز الموساد الإسرائيلي الذي هو بدوره قد تم اختراقه أكثر من مرة من قبل المخابرات السورية والمخابرات المصرية وأجهزة أمن الثورة الفلسطينية.إنه ليس عجيباً ولا غريباً ولا يعيب "حزب الله" ولا زعيمه حسن نصر الله أن يكون من بين المئات من الذين سقطوا في شبكة الموساد الإسرائيلي، وبعض كبار الموظفين اللبنانيين، من هذا الحزب ولهذا فإنه بدل أن يبقى اللبنانيون يعيشون في كل هذا الجحيم وهم في انتظار قرار المحكمة الدولية فإن المفترض أن يتم الإعلان منذ الآن أن كل من يثبت أنه ساهم أو شارك في اغتيال الشهيد رفيق الحريري هو عميل للإسرائيليين، وأن المقاومة "ستتعامل معه على هذا الأساس وأنها هي التي ستأخذ حق لبنان والشعب اللبناني وذوي الشهيد منه ومن أمثاله"، "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".لِمَ لا، فإذا كان "حزب الله" واثق تمام الثقة بأنه بريء من دم الحريري براءة الذئب من دم ابن يعقوب فإن عليه أن يستدير استدارة كاملة وعليه أن يهرول هرولة للابتعاد عن هذا الطريق الذي يسير عليه، فإنقاذ لبنان من الفوضى التي يهدده بها إن أصدرت المحكمة الدولية قرارها الظني باتهام واحد أو اثنين أو عشرة من عناصر حزبه، أهم من هؤلاء جميعاً وخصوصاً إذا ثبت، وهذا غير مستبعد، أن الموساد الإسرائيلي استطاع تجنيدهم لحسابه، كما جند الكثيرين في لبنان حسب البلاغات الرسمية وعلى ذمتها.إنه أهون على "حزب الله" أن يتخلى عن اثنين من عناصره أو أكثر يثبت تعاملهما مع الموساد الإسرائيلي من أن يتخلى سعد الحريري عن دم والده لحساب ما قال "حزب الله" وكرر القول أكثر من مرة إنه إسرائيل التي اتهمها ولا يزال يصر على اتهامها بارتكاب هذه الجريمة، ولذلك ولوضع حد لهذا المأزق الذي يعيشه لبنان فإنه على حسن نصر الله أن يبادر إلى التنصل من أي عنصر من حزبه يمسه القرار الظني الذي من المنتظر أن تصدره المحكمة الدولية قريباً، وأن يعلن أن القاتل لا يمكن إلا أن يكون عميلاً للموساد الإسرائيلي حتى وإن كان أحد كبار قادة "المقاومة"!
أخر كلام
لِمَ لا؟!
20-12-2010