القمع والإصلاح السياسي

نشر في 21-02-2011
آخر تحديث 21-02-2011 | 00:00
 د. بدر الديحاني عمت الاحتجاجات الشعبية التي تطالب بالمزيد من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية العديد من الدول في منطقتنا؛ لا سيما بعد ثورتي تونس ومصر، وهي احتجاجات شعبية مطلبية تدعو إما إلى الإصلاح السياسي المستحق، وإما إلى التغيير السياسي الكلي تبعا للظروف السياسية لكل دولة على حدة، وهو الأمر الذي يؤكد أن التغيير السياسي في منطقتنا لن يستثني أحدا، إذ إنه قادم لا محالة رغم تباطؤ حركته في بعض الدول العربية نتيجة لظروف داخلية معينة.

لقد شملت الاحتجاجات المطلبية السلمية الداعية إلى الإصلاح والتغيير السياسي دولا عديدة في فترة زمنية قصيرة جدا، فمن البحرين إلى إيران مرورا بعمان واليمن والأردن والعراق وجيبوتي والجزائر وليبيا والمغرب، حيث نجد أن سقف الاحتجاجات المطلبية يرتفع شيئا فشيئا رغم العنف والقمع المؤسفين اللذين تمارسهما الأنظمة الحاكمة ضد الشعوب التي تمارس حقها في التعبير السلمي عن مطالبها، بل إننا لا نبالغ إن قلنا إن هناك علاقة طردية بين درجة العنف والقمع اللذين تستخدمهما الأنظمة الحاكمة وارتفاع سقف المطالب الشعبية.

إن الحقيقة الثابتة هي أن التغيير هو سمة الحياة، لذا فإنه لا بديل عن قيام الأنظمة السياسية الحاكمة بإجراء إصلاحات سياسية جذرية وسريعة، وفتح باب الحوار السلمي بين الأطراف كافة من أجل البحث عن الأسباب الرئيسة التي تدعو الناس إلى الخروج للشارع في مظاهرات واحتجاجات سلمية للمطالبة بحقها في الحرية والكرامة والمشاركة في اتخاذ القرار والعيش الكريم، إن كانت فعلا ترغب في تجنيب مجتمعاتها المزيد من الاضطرابات الداخلية والعنف وإراقة الدماء، إذ إن قمع التظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات السلمية لمنع الناس من التعبير عن وجهات نظرهم ليس دليلا على توقف مطالب الإصلاح والتغيير، أو دليلا على رضاء الناس عن السياسات الحكومية أو اقتناعهم بعملية احتكار السلطة والثروة، بل على العكس من ذلك تماما فالقمع والعنف بأشكالهما المختلفة سيولدان المزيد من الغضب الشعبي الذي من المؤكد أنه سينفجر في المستقبل متى ما تهيأت الظروف الموضوعية والذاتية، وساعتئذ فإن القمع لن يجدي نفعا كما شاهدنا قبل أسابيع قليلة في ثورتي تونس ومصر.

نافذة:

قضية «البدون» كما سبق أن كتبنا ذات مرات هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، لذا فإنه من الخطأ القاتل تسييس القضية سواء من قبل الحكومة أو من قبل أصحاب القضية ذاتهم الذين قد يقعون ضحية بعض السياسيين الانتهازيين الذين لا يجدون غضاضة في المتاجرة في هذه القضية الإنسانية، وإن فشل الحكومة في حل هذه القضية الإنسانية على مدى عقود عدة هو ما جعلها تنفجر بشكل علني على شكل احتجاجات مطلبية، وهو الأمر الذي سبق أن توقعه الكثير منا، مع تحفظنا على الشكل الذي اتخذته هذه الاحتجاجات أخيرا وعلى عملية توقيتها وهو ما لا يجعلنا نبرر استخدام العنف ضدها.

أما الآن فإنه يتعين على الحكومة الإسراع في الإعلان بشكل واضح وشفاف وضمن إطار زمني محدد بدقة عن سياستها العامة الجديدة لمعالجة هذه القضية الشائكة التي تعقدت مع مرور الزمن، على أن تعمل، في أثناء تنفيذ هذه السياسة العامة الجديدة، على تسهيل حصول أفراد «البدون» على حقوقهم في العمل والتعليم والتطبيب، والحصول على عقود الزواج والطلاق والميلاد والوفاة وغيرها، إذ إن ذلك يعتبر من الحقوق الأساسية لأي إنسان.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top