ما إن نتنبّه الى أن برمجتنا النفسية تقودنا الى الفشل العاطفي المستمر، حتى نرغب في انهاء هذا الوضع. لكن كيف نقوم بذلك؟ من الصعب معرفة كيفية التصرّف حين تكون للأمر صلة وثيقة بنا، لدرجة أن نظرتنا إليه لا يمكن إلا أن تكون غير موضوعية. فلنتحرَّ معًا بعض طرق التصرّف تمهيدًا لدرسها وربما أيضاً لوضعها موضع التنفيذ.

Ad

1 - توقّفي عن تجسيد دور الضحيّة

تطالعنا ضمن مسار الأمور الكلاسيكي صورة العاشقة السيّئة الحظ التي تلتقي دائمًا برجال يستغلّونها ويجعلونها تعيسة. ثم ينتهي الأمر بمحيطها بأن يشفق عليها، فهي في النهاية تبدو طيّبة للغاية.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: «هل أنا ضحيّة، أم أنني أتصرّف كضحيّة؟». ينبغي الإجابة بصدق عن هذا السؤال. عليك إدراك أن التورّط المستمر مع النوعية نفسها من الرجال قد يكون مرده الى موقف الخضوع والرغبة في نيل الإعجاب بأي ثمن وتذويب الذات في العلاقة، ما يؤدي الى ردود فعل استبدادية لدى الطرف الآخر. تريد المرأة في هذه الحالة الذوبان في العلاقة كي تتجنّب النبذ، الذي، وعلى العكس، له كل الحظوظ بأن يحدث. ينبغي أن يؤدي تكرار هذه الأحداث الى التفكير بشكل سليم وإعادة النظر في الأمور. كذلك، يجب استئصال أعراض «هذا ليس ذنبي» أو «لست أنا من تسبّب بذلك» للتوصّل الى استقلالية أكبر في العلاقة.

2 - لا تؤدي دور الطيّبة

يملك بعض النساء روحًا كريمة تجعلهن يهتممن بالرجال ذوي المشاكل الذين يحتاجون الى أم أكثر منه الى امرأة. هذه شخصية شائعة وهذا مسار مألوف، فنساء كثيرات لديهن ميل الى الرجال الأكثر ضعفًا وتعاسة. هي نزعة الى الأمومة يتم التعبير عنها حيال الأطفال وأحيانًا الفقراء، لكن أيضًا في العلاقة العاطفية. هي علاقة غالبًا ما تنتهي بالفشل، لكن ليس دائمًا.

كرم النفس والرغبة الطبيعية في مساعدة الآخرين، كلّها صفات إيجابية. بالتالي، ليس على أي امرأة إعادة النظر، إذا كان هذا النوع من العلاقة يناسبها. تقع المشكلة حين ينتهي الأمر بالمرأة بأن تشعر بالتعاسة بسبب هذا النمط من العلاقة العاطفية. من الأفضل في هذه الحالة التخلّي عن أداء دور الطيّبة، على الأقل حين يتعلق الأمر بعلاقة عاطفية مع رجل، على أن تتمكّن المرأة المعنيّة من التعبير عن هذه النزعة في مجالات أخرى كالعمل أو العمل التطوعي مثلاً.

3 - اقبلي الأمر الواقع

ردّة فعل غريبة، لا؟ ومع ذلك، قد تثير فكرة السعادة نفسها الخوف لأنها تعبّر عن شيء من المحدودية. بالنسبة الى بعض النساء، يكمن سر الشباب الدائم في قصص الحب المجنونة، شرط أن تنتهي كلّها بالطريقة نفسها. فكرة الاستقرار في علاقة أكثر ثباتًا وإعطائها كل فرص النجاح تدفع هذا النوع من النساء الى الهرب بشكل غير واعٍ تمامًا.

يمثّل الاستقرار لهن أحد أشكال الموت البطيء، وقد يشكّل النموذج الوالدي نوعًا من الحافز السلبي في هذا المجال. الاستقرار إذاً هو تخلٍّ عن الحياة المثيرة، والقبول بالأمر الواقع كما فعل أبونا وأمنا. باختصار، هو أن نشيخ، وضمنيًا أن نموت. كل يختار طريقه، لكن من الضروري حين يصبح الأمر مؤلمًا، أن نكبر بشكل إرادي كي ننظر الى علاقاتنا العاطفية نظرة جديدة.

4 - ميّزي عقدة أوديب الخاصة بك

كوننا راشدين لا يعني بالضرورة أننا قد تخطّينا عقدة أوديب. قد تكون هذه العقدة لا تزال موجودة، ليس بالشكل الذي كانت عليه في عمر الثلاث سنوات طبعًا، إنما قد تشكّل تفسيرًا للفشل المتكرّر. النموذج الوالدي وخصوصًا نموذج الأم مهم جدًا، وقد ينسخ بعض النساء من دون أن يردن ذلك فعلاً، شخصية والدتهن أو على العكس يناقضنها في كل شيء. ثمة أيضًا أمر أكثر شيوعًا، لا سيما لدى النساء الشابات، وهو البحث عن صورة الأب في الحبيب. تبحث المرأة ضمنيًا في هذه العلاقة عن الأب المثالي، ما يزيد فرص فشل العلاقة.

قد يصعب على المرأة أن تتمكّن من إدراك حقيقة وجود هذه المشكلة بمفردها. لكن التحقّق من وجود أمر مقلق قد يتم بمنتهى البساطة عبر التحدّث مع أشخاص مقربين، لكون هذه الأعراض لا يمكن أن تمرّ من دون ملاحظة.

5 - تعلّمي كيفيّة مواجهة المجهول

العلاقة العاطفية مغامرةٌ بكل ما للكلمة من معنى. لا يتعلق الأمر بالطبع بتسلّق قمة إفرست، إنما في النهاية... الآخر هو قبل كل شيء شخص مجهول، وكونه مجهولاً قد يكون مخيفًا. قد يحدث أن نفضّل البقاء وحدنا على المخاطرة بالاحتكاك بشخص آخر مع كل ما يعنيه ذلك. حين يكون هذا الموقف القلق موجودًا في العلاقة العاطفية، فهو حتمًا موجود في الحياة عموماً. لذلك، يصبح من الضروري التصرّف حيال الأمر، لأن هذا النوع من السلوك قد يكون مضرًا بصورة شاملة، في الحياة المهنية كما الخاصة. أن نتمكّن من تجاوز الخجل أو أن نصبح أكثر انفتاحًا ليس بالأمر السهل إن بقينا في عزلة. في هذه الحالة، من الضروري للتقدّم في الحياة اللجوء أقلّه الى علاج سلوكي يساعدنا على الخروج من الأزمة.

6- لا تبحثي عن الحب المثالي

كان لأمير الأحلام ضحايا كثر، لكنه أيضًا سمح بعيش أحلام رائعة. لا شيء خطيراً حقًا في هذه النقطة المتّصلة بالتربية، التي تتعلق بالفتيات خصوصاً. يحتفظ معظم الفتيات عندما يكبرن بميل معلن الى الكوميديا الرومنسية أو الى كتب القصص العاطفية، من دون أن يؤثر ذلك على حياتهن الحقيقية. لكن بالنسبة الى بعض النساء، يُستبدل البحث عن أمير الأحلام بالبحث عن الرجل المثالي، الذي ينبغي أن يتمكّن من تلبية معايير محدّدة وأساسية. يعكس هذا البحث عن الرجل المثالي حاجة الى الشعور بالأمان أو الى عكس صورة معيّنة، ما يدلّ على شيء من قلّة النضج. إن كانت ميغ راين أو جنيفر لوبيز أو شخصية بريدجت جونز قد تمكنّ من إيجاد الرجل المثالي، فذلك لا يتعدى كونه خيالاً في الواقع.

من الصعب الاتكال على الصدفة والظروف لكي تقودنا تقلّبات الأحداث أخيرًا الى النهاية السعيدة. ليس لأن ذلك لا يحدث أبداً في الحياة «الحقيقية»، لكن الأمر يشبه قليلاً شراء ورقة يانصيب. قد يتمكّن بعض النساء من كسب الجائزة الكبرى، إنما لا ينبغي انتظار حدوث ذلك للإمساك بزمام حياتنا.

البحث عن المثالية أمر يدعو الى الاحترام. لكن في الحب، علينا أن نكون منفتحين حيال الآخر، وألا تكون لنا معايير محددة تمنعنا من استغلال الظروف والفرص التي تقدمها لنا الحياة يومياً. من الأفضل إذاً، العودة الى الواقع وعدم الاتكال على حدوث معجزة. ومن يدري، ربما يؤدي التخلّي عن الأمر الى حدوثه فعلاً؟

7 - لا تخلطي بين التمنّي والحقيقة

على رغم أننا لسنا كلنا رومنسيات، إلا أن لدينا جميعنا أحلامًا وخيالات تتصل بلقائنا أشخاصًا معينين، حتى لو كانت هذه اللقاءات تؤدي أحيانًا الى خواتيم غير سعيدة أبداً. قد تأخذ هذه الخيالات أشكالاً متعددة وقد تتعلق بشريك أحلامنا أو بنا. هكذا، يمكننا أن ننسج سيناريوهات حقيقية في نفوسنا. أكثر السيناريوهات شيوعًا هي سيناريو المرأة الضحية والضعيفة التي ينقذها رجل يحبها بجنون، أو الحمل غير المتوقع الذي يعيد الزوج الى ذراعي زوجته الحامل، أو الزوجين المثاليين في البيت المثالي، من دون نسيان البحث عن المركز أو الثراء، وهي مشاريع أكثر حسّية ولكنها أحيانًا موجودة بقوة.

إدراكنا لخيالاتنا ومعرفتنا بأنها مجرد خيالات، خطوة أساسية تسمح لنا بتجنّب وضع أنفسنا في موقف دقيق وصعب.

عدم إسقاط تخيّلاتنا على الواقع وتحديد الحد الفاصل بين هذه الأحلام المميزة بعض الشيء والحياة الحقيقية، قد يكون له تأثير إنقاذي. كثيرات هن اللواتي لا يتمكن دائمًا من القيام بذلك، ما يضعهن في أوضاع شديدة التعقيد. القاعدة الذهبية حيال هذا الأمر هي «عدم الخلط بين تمنياتنا والحقيقة».

8 - استعيدي اعتزازك بنفسك

تؤدي الإخفاقات المتكرّرة الى تحويل أي امرأة الى «خاسرة تسلسلية»، خصوصًا حين لا يتّبع المحيطون بها المسار نفسه ولا يبدون قلقاً حيال إيجاد توأم روحهم. مع الوقت، يؤدي هذا الوضع الى الشعور بالدونية، إذ إن ردة الفعل الأكثر شيوعًا هي أن تقول المرأة لنفسها: إن لم يبد أي رجل حتى الآن رغبة كافية في جعل علاقته بي دائمة، فذلك يعود بلا شك الى كوني لا أستحق العناء. فينتهي الأمر بها بأن تقلّل من قيمة نفسها في مجال الحب، ما يؤثر في نهاية الأمر على حياتها بمجملها.

هنا أيضًا، استعادة الاعتزاز بالنفس والاهتمام بالذات عبر إحاطة أنفسنا بأشخاص يحبوننا ويرفعون من شأننا بدلاً من إحباطنا، هي خطوات سليمة. قد يكون بعض التقنيات، كالتخيل الإيجابي مثلاً، مفيداً في هذا المجال. ينبغي أن ينبع الاعتزاز بالذات من الداخل، كذلك علينا أن نعرف من نحن ونهتم بأنفسنا لنكون واثقات من أنفسنا حين يحين موعد اللقاء التالي.

9 - أعطي نفسك وقتاً

لدى النساء اللواتي يبقين وحدهن على رغم قصص حب فاشلة عدة عيب خطير: هن نافدات الصبر. فيدفعهن ذلك الى الدخول بشكل متهوّر في مغامرات أخرى من دون تقييم حقيقي أو استخلاص الدروس من الماضي القريب.

يؤدي القلق من الوقت الذي يمضي، أو الرغبة في نسيان علاقة غير مرضية، أو رفض التحليل الذاتي، الى تبنّي طريقة تصرّف انتحارية بعض الشيء، بمعنى أن القصة نفسها تتكرر باستمرار. القيام بوقفة هو الحل الأفضل في هذه الحالة: تخصيص فترة كافية للبقاء في المنزل أو مع العائلة أو للقاء الصديقات. باختصار، من الأفضل أن نكون في مرحلة تفكير وليس في مرحلة تصرّف، وقد يساعدنا ذلك على اتخاذ بعض القرارات الجيدة، وعلى رأسها التفكير جيدًا قبل مواصلة علاقة لا حظوظ لها بالنجاح منذ البداية.

10 - اطلبي المساعدة

القيام بتقييم لوحدنا أو حتى مع بعض المقربين ليس كافيًا دائمًا للخروج من حلقة مفرغة تركّزت منذ سنوات طويلة أحيانًا. ينبغي إذاً طلب المساعدة وثمة خيارات عدة في هذا المجال: يمكن استشارة عالم نفسي أو اختصاصي في الحياة الجنسية، أو الخضوع لعلاج إدراكي أو سلوكي، أو الخضوع لدورة تخيّل إيجابي. قد يكون التحليل النفسي خيارًا مقبولاً، إن كانت المرأة المعنيّة مستعدة للالتزام به فترة طويلة، للتمكّن من الوصول الى جذور المشكلة.