منظور آخر خلقت لتكون مقاتلا أومستسلما

نشر في 01-04-2011
آخر تحديث 01-04-2011 | 00:01
 أروى الوقيان خلق الإنسان ليخوض تجربة الحياة... قد لا تشبه ما كنا نحلم به عندما كنا أطفالا، لكننا سنعيشها على أي حال، خلقنا بأحلامنا الطفولية بأننا سننقذ البشرية ونعمر الأرض، فهناك من حلم أنه سيصبح مهندساً يبني العمارات الشاهقة، وهناك من كان يحلم بأن يصبح طبيبا ويعالج آلام الآخرين، وهناك من كان يحلم بأشياء أخرى لا تتسم سوى بالبراءة.

عندما كنا أطفالا كنا نتوق إلى أن نكبر، عندما يمضي يوم نسعد لأننا كبرنا، حيث كانت أكبر همومنا المدرسة والتحصيل العلمي، نريد أن يأتي ذلك اليوم الذي نحقق فيه أحلامنا سريعا لنساعد، لنبني، لنطبب.

كبرنا وبدأت رحلتنا بالاستيعاب، حيث بات الواقع يصبح أصعب من مجرد أحلام طفولة، وأدركنا أن تحقيق الحلم يحتاج إلى كفاح حقيقي، وكبرت معنا أحلامنا في حين صغرت لدى البعض، فهناك من شكل له الواقع إحباطا، وهناك من استسلم، وهناك من حارب ليسعى وراء حلمه وطموحه وأمنياته.

لم نخلق في هذه الحياة والطرق مرصوفة لنا بالورود، تعلمنا أننا في عالم لا يحترم المواهب ولا يدعمها، فأنت من تسعى وراء أحلامك دون أن تنتظر مساعدة، وأما من حالفه الحظ فإنه يجد الدعم من أهله وأصدقائه... وهناك من درس تخصصاً صعباً، وصدم وقت توظيفه بأنه عاطل عن العمل حتى إشعار آخر مما جعله يرضى بمكان لا يمتّ لدراسته أو لطموحه بأي صلة، حتى باتت الأشياء التي يحبها تتلاشى تدريجيا من قائمة حياته.

وهناك من لا يكف عن التذمر بشكل متواصل، وحين تسأله عما يريد فإنه لا يملك إجابة؛ وذلك لسبب بسيط: أنه انشغل بالتذمر والنظرة إلى ما يدور حوله بشكل سلبي حتى أنه نسي ماذا يريد، أو لأنه لا يعرف ماذا يريد، فاكتفى بالتذمر مثل الباقين.

وهناك من عاندته الأيام فعاندها، وربطته الظروف فمزقها، وأصر وسعى وحقق حلمه, فهذا هو من يملك الإرادة التي جعلت منه مقاتلا ومكافحا ومحققا أهدافه وهو من يملك قصة حقيقية تستحق التفاخر... هؤلاء من يستحقون أن ننظر إليهم كمثل أعلى نقتدي به، فهناك من فقد جميع أطرافه ومع ذلك عاند ظروف الإعاقة وطوعها ليرسم، وليعيش، وليكون قدوة.

بيدك الاختيار إما أن تكون مقاتلا لهذه الظروف ومحققا للأحلام، وإما أن تستسلم بكل بساطة لتصبح مجرد خاسر تعيش على هامش الحياة.

قفلة:

واحدة من أجمل ما كتبه جبران خليل جبران: «نصف شربة لن تروي ظمأك، ونصف وجبة لن تشبع جوعك، نصف طريق لن يوصلك إلى أي مكان، ونصف فكرة لن تعطي لك نتيجة... النصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز، لأنك لست نصف إنسان... أنت إنسان، وجدت كي تعيش الحياة، وليس كي تعيش نصف حياة».

back to top