د. فايزة خاطر رئيس قسم العقيدة الأسبق في كلية البنات الإسلامية- جامعة الأزهر وعضو لجنة المرأة في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وإحدى الداعيات المسلمات ذات الآراء الصادمة والمثيرة، خصوصاً في ما يتعلق بقضايا المرأة، فهي لا تتوانى في كشف مخططات المرأة اليوم في السيطرة والتسلّط داخل الأسرة. تعتبر خاطر أن الرجل العربي والمسلم في هذا الزمان أصبح بلا حقوق في ظل صنع قوانين ورفع شعارات خاصة بحرية المرأة وحقوقها، مؤكدة أن المرأة المسلمة اليوم أصبحت عدواً شرساً لنفسها وأنها سبب رئيس في انتشار العنوسة في العالم العربي، معها كان اللقاء التالي.

Ad

كيف تقارنين بين التكريم الإسلامي للمرأة وبين ما يحدث اليوم على الساحة؟

يعلم الجميع بأن الإسلام كرّم المرأة وأعطاها حقوقاً لم يعطها لها دين قبله ولا بعده، لكن للأسف تشهد الساحة العربية والإسلامية راهناً تيارات كثيرة تستهدف المرأة المسلمة، فالإعلام يعمل على كسر حياء البيت المسلم، وتدعو القوانين التي تفصَّل من وقت الى آخر في ما يخص قضايا المرأة الى «الفجور» تحت ستار حريتها وحقوقها، فالمرأة اليوم أصبح لها حق الخلع وحق الولاية التعليمية ولها الوصاية والسكن... أصبح الرجل العربي راهناً بلا حقوق في زمن تحرير المرأة، وهذه الأمور كلها تسببت بشكل مباشر في تخريب الأسر المسلمة وضياع الأبناء، ما يؤثر سلباً على مستقبل الأوطان عموماً لأن الأسرة هي النواة الأساسية لتكوين المجتمع وصنع مستقبله وهذه الأسرة المسلمة اليوم باتت مهددة من الداخل والخارج.

تدافعين بشدّة عن الرجل فما السبب وهل المرأة اليوم أصبحت أحد أسباب قهره؟

هذا الكلام صحيح وواقع ملموس ومعاش بالفعل. أما بالنسبة الى دفاعي عن الرجل، فأنا امرأة من صعيد مصر تربيت ضمن مجتمع للرجل فيه قدسية خاصة، وأحمل في جيناتي هذه القدسية، وقد فضّل الله عز وجل الرجل على النساء في قوله تعالى «وللرجال على النساء درجة»، وهذه الدرجة هي القوامة وهي ليست بالإنفاق فحسب كما يدعي المتربصون بالمرأة المسلمة. نعم، نحن النساء متساويات مع الرجال في الحقوق والواجبات، لكنّ القرار يعود إليهم كون طبيعة الرجل الفيزيولوجية تختلف عن المرأة التي تتأثر بعمل الهرمونات لديها، ما يؤثر بالتالي على اتخاذها القرار وهي أمور يعلمها الأطباء جيداً، لذا فإن دعاوى المساواة اليوم بين المرأة والرجل باطلة لأن المساواة لا تكون إلا بين المثليين، والله عز وجل لم يساوِ بين الرجل والمرأة بعيداً عن الحقوق والواجبات ولكن جعل سبحانه وتعالى لكل منهما مهامه التي تناسب طبيعته، والدرجة التي يتميز بها الرجل عن المرأة هي القيادة والقدرة على اتخاذ القرار داخل الأسرة، فالمرأة التي تعيش مع رجل ضعيف الشخصية لا يمكن أن تشعر مطلقاً بالأمان النفسي والاجتماعي، فالأمان يكمن في القدرة على اتخاذ القرار وعلى تحمّل نتائج هذا القرار وتبعاته.

معنى هذا أن ثمة محاولات مؤكَّدة لمحاصرة الأسرة المسلمة وتضييع هيبة الرجل داخلها؟

بالتأكيد، ثمة محاولات شديدة لتفريغ الأسرة المسلمة من المفهوم السامي الإسلامي الذي يؤكد أن للرجل المسلم في بيته القيادة والقرار وعليه مسؤولية الإنفاق والرعاية الدائمة والمتجددة لأسرته، وأدى هذا التفريغ الى نتائج مؤلمة جداً داخل المجتمع، وفي مقدّمتها عزوف الشباب عن الزواج، إذ أصبح معظم الشباب اليوم لا يريد الارتباط لأنه يرى مسبقاً ما سيترتب على هذا الزواج من مشكلات وسعادة موقتة، ويزيد حدة هذا الأمر أن النساء أنفسهن أصبحن مستهترات ومتسلّطات على أزواجهن، وهذا نتاج ما يجري اليوم على الساحة من تأليب المرأة على زوجها وأسرتها ما جعلها مفرغة داخلياً من المهمة السامية التي خلقت من أجلها، وأصبحت الثقافة الإسلامية الصحيحة مغيّبة عن البيوت العربية والإسلامية بفعل فاعل، إذ يتم التركيز اليوم على المرأة المسلمة لإفراغها من النظرة التي رسمها الإسلام لتكوين الأسرة المسلمة، ما أوجد على الساحة اليوم أشباهاً من الرجال وشبيهات من النساء.

تطرّقتِ الى عزوف الشباب عن الزواج فهل المرأة نفسها أصبحت أحد أسباب العنوسة الرئيسة في العالم العربي؟

بالتأكيد، فالإضافة الى أسباب انتشار العنوسة المعروفة في العالم العربي من ظروف اقتصادية واجتماعية ثمة سبب آخر أكثر أهمية وخطورة وهو أن المرأة أصبحت عدواً لنفسها لأنها أصبحت متسلّطة، وأخطأت في استيعاب مفاهيم الحرية المكفولة لها، ما نزع عنها صفة الأنوثة كما أرادها لها الإسلام وأصبحت خشنة الطبع ومظهرها لا يليق راهناً بما يجب أن تكون عليه المرأة المسلمة وسلوكياتها غير قويمة، ما أدّى إلى تصدّع الأسرة المسلمة من الداخل، لذلك إذا أردنا أن تكون المجتمعات العربية والإسلامية مجتمعات صالحة فعلاً فإن الأمر يحتاج إلى وقفة جادة من أولياء الأمر ومراعاة القوانين التي تشرَّع من وقت الى آخر في ما يخصّ الحقوق المشتركة بين الرجل والمرأة، كي لا يضيع الرجل المطلوب منه في الأساس أن ينفق على أسرته ويدافع عنها بكل ما أوتي من قوة، بالتالي يجب القيام بدراسة شاملة لأحوال الأسرة المسلمة لإعادتها كنواة صالحة ضمن المجتمع.

هل أصبحت الأسرة المسلمة اليوم تعاني الاغتراب الداخلي بين الزوج والزوجة؟

بالتأكيد، ولهذا الاغتراب أسباب عدة منها ما يعود إلى المرأة ومنها ما يعود إلى الرجل. لنبدأ بالمرأة، سمات المؤمنات قد ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى «فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله» وروى أبو داود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك، وإن أمرتها أطاعتك، وإن غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك»، وقال أيضاً «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة فإذا رزق الله العبد امرأة كذلك فليعلم أنها نعمة من الله سبحانه وتعالى سيقت إليه»، لكن في هذا العصر أصبح بعض النساء ينغرّ بالمظاهر وينفق ميزانية المنزل على زينته، وللأسف تكون الزينة عند الخروج من المنزل، كذلك تتفنن المرأة في إيذاء زوجها بالهمز واللمز والمعايرة بالتالي يحدث الشقاق وتتّسع الهوة، فينطوي الزوج على نفسه مؤثراً السلامة من أجل الأولاد ورفض الزواج بأخرى بالإضافة الى ما يترتب على ذلك من خسائر مادية، كون الزوجة هي صاحبة الأثاث «بالقائمة» وصاحبة المنزل لأنها حاضنة للأولاد فيكون بالتالي الشارع مصير الرجل، وقد لمست بيوتاً كثيرة مهدومة داخل جدران واحدة لهذه الأسباب نفسها وبعد أن كان الزواج سكناً لكلّ من الزوجين أصبح لا يجمعهما إلا مصلحة الأولاد. من جهة أخرى، لا يسلم الرجال من العيوب، فالبعض منهم يساهم في خلق الشقاق واغتراب الزوجة، والبعض الآخر يكون بخيلاً فقيراً فتصبح العيشة معه لا تطاق، وثمة آخرون مستهترون يضيّعون أوقاتهم أمام الفضائيات المدسوسة فتضيق الدنيا بالزوجة، ولأن الطلاق أبغض الحلال فإنها تؤثر السلامة، والأسوأ إذا كان الزوج ممن يتطلّعون إلى الأخريات فيسبب هذا الأمر شعوراً مقيتاً للمرأة بأنها لا تعجب زوجها ولا تسرّه فتصاب بالإحباط والكراهية والتقوقع داخل الذات، لذلك ينبغي على الوالدين تعليم الأولاد حقوق الزوجية وآداب المعاشرة فمتى عرف كلّ واحد ما له وما عليه نحو شريكه، وقام كلّ منهما بواجبه، يدوم بينهما الهناء والصفاء ويطردان أي اغتراب نفسي أو جسدي بينهما.

من وجهة نظرك، هل تقف المرأة العربية المسلمة اليوم على حافة الهاوية؟

بل سقطت في الهاوية وذلك بسبب عوامل داخلية وخارجية ولهاث المرأة وراء مظاهر زائلة من دون النظر إلى عواقبها، ومحاولة الحفاظ على منظومة قيمها الإسلامية الصحيحة، إذ ثمة انفراط شديد في عقد الأسرة المسلمة، وقد أصبح الجانب المادي عند الاستعداد لتكوين أسرة القوام الأساسي اليوم الذي يُنظر إليه خصوصاً من ناحية المرأة وهذا خطأ كبير يؤثر فيها لاحقاً، خصوصاً إذا كان الرجل يتحلى بثراء مادي وفقر خلقي وقيمي.

للأسف الشديد، تعشق نساء كثيرات الثرثرة، ما يدفعهن الى تعرية بيوتهن فكيف تنظرين إلى هذا الأمر؟

هذا الأمر موجود بالفعل، لذلك نقول إن إفشاء المرأة أسرار حياتها الزوجية جريمة دينية واجتماعية مرفوضة، خصوصاً أن المرأة للأسف الشديد لم تعد تكتفي بصديقاتها لفضفضة مشاكلها إنما أصبحت حياتها الخاصة جداً «مفضوحة» ومكشوفة على الفضائيات، فنجد نساءً لا يتورّعن عن الحديث عن علاقاتهنّ الحميمة على التلفزيون وهذا أبشع جرم، لأن أدق الأمور في العلاقات الزوجية تذاع بفحش وبأساليب رخيصة تهدم الأسرة ولا تقومها، وهذه ظاهرة يجب مقاومتها والعودة بالمرأة إلى الطريق الإسلامي الصحيح قبل فوات الأوان. كذلك، تسعى وللأسف الشديد فضائيات كثيرة اليوم الى الربح والإثارة من خلال الحديث في هذه العلاقات الخاصة وجلب بعض أدعياء العلم الشرعي الساعين الى الشهرة للرد والتفاعل مع هؤلاء النسوة، وكنت أتخيل أن هذه الأمور لا يمكن أن تناقَش إلا داخل الغرف المغلقة، لكن ما يحدث اليوم كارثة يجب التعامل معها بحسم، فالفضائيات تدمّر بيوت المسلمين وتنفّذ أجندة واضحة لتغريب المرأة المسلمة.

أصبح الخلع وقوانينه سيفاً مسلطاً على رقاب الرجال، فما هي إمكانات العودة إلى الأسرة المسلمة بقوامها الصحيح بعيداً عن هذه الأمور؟

الأسرة أسمى من أن تكون مجرد وسيلة لإنجاب الأولاد، أو قضاء الشهوة، فهي الخلية الاجتماعية الأولى في المجتمع التي تبنى على أساس الحب والمودة والتعاون بين الزوجين والأولاد، فعلى الزوج حسن العشرة والإنفاق وعلى الزوجة حسن معاملة زوجها. لا تخلو الحياة الزوجية المنغصات، لذا لا بد للزوجين من التغلّب على الاختبارات، وفى بعض الحالات تستحيل العشرة ويصعب على الشريكين الاستمرار، في هذه الحالة يتم الطلاق أو الخلع. ولكن للأسف تزايدت أخيراً دعاوى الخلع في المحاكم بشكل هائل لأسباب تافهة لا ترتقي إلى مستوى المشكلات، فثمة من تطلب خلعاً لأن زوجها مدمن على الإنترنت أو على قراءة صحف، أو لأنه فقد منصبه، أو يربي كلباً، أو لا يتحدث معها بالإنكليزية، فهذه الأسباب ملها وإن دلت على شيء فهي تدل على ضعف الوازع الديني واللهث وراء الماديات وعدم القناعة والرضا، وعدم مراعاة كلّ من الزوجين لحقوق الآخر كما أمر بها الشرع، لذلك فإن أي زوجة تطلب خلعاً لأسباب واهية تكون آثمة وتلعنها الملائكة وتُسأل عن ذلك أمام الله، لأن في ذلك هدم بيوت وتشريد أطفال، لذا لا بد للمرأة أن تتفادى التفاهات وتستوعب عيوب الآخر وتتحمّلها ولا تخلع على أهون سبب.

ثمة عادة تنتشر في معظم المجتمعات العربية وهي حرمان المرأة من ميراثها الشرعي، ما رايك؟

حرمان المرأة من الميراث أمر يخالف الشريعة الإسلامية ولا يمكن إقراره، خصوصاً في هذه الأيام حيث تحتاج المرأة إلى تأمين كبنت وأخت من قسوة الظروف والأيام، والى إعطائها حقها في ميراثها الشرعي تأميناً لها، ومن يخالف هذا الأمر ينطبق عليه التسلسل القرآني الذي أورده الله عز وجل في ثلاث آيات مختلفة حيث قال تعالى:»من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون»، و»من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون»، و «من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون»، فلنتّقِ الله في أنفسنا ولتعطَ المرأة حقوقها كما شرّعها لها الإسلام وخصوصاً في قضية الميراث كي لا يدخل المانع في سياق هذه الأحكام الإلهية المتدرجة ظلماً ففسقاً فكفراً.

يؤمن البعض بفرضية النقاب ويحرِّم البعض الآخر ارتداء المرأة البنطلون... كيف تقيّمين هذا الموضوع؟

زي المرأة الإسلامي معروف ومقطوع بحكمه والرسول عندما تحدّث عن زي المرأة المسلمة وضع له شروطاً ولم يضع «موديل» أو تصميماً، وهذه الشروط جاءت في قوله عندما سئل عن زي المرأة: «ألا يصف ولا يكشف ولا يشف»، فعورة المرأة معروفة بأنها الجسد كاملاً ما عدا الوجه والكفّين.

اعتماد النساء العربيات في بيوتهن على الخادمات ظاهرة خطيرة أصبحت سلبياتها أكثر من إيجابياتها، ما رأيك في هذه الظاهرة؟

الخادمات عبارة عن قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة في وجه الأسرة العربية، فالخادمة اليوم بمثابة «ضرة» المرأة المستترة في مجتمعاتنا، إذ إن رجالاً كثراً ينجذبون الى الخادمات ويهملون زوجاتهم، وهذه كارثة دينية وأخلاقية واجتماعية، فضلاً عن أزمة أخرى وهي أن أمهات كثيرات في الدول العربية يتركن أولادهن للخادمات ليقمن بتربيتهم وهي أزمة خطيرة، فالأم ليست معفاة من المسؤولية خصوصاً في ظل انتشار موجة استقدام الخادمات من دول أجنبية فتنتقلن إلى بلادنا محملات بثقافة وقيم قد تكون غريبة عن مجتمعاتنا العربية، بالتالي تحدث بسببهنّ كوارث نسمع عنها يومياً في مجتمعاتنا.

تسيء نساء كثيرات استخدام التكنولوجيا، خصوصاً الإنترنت الذي تحول الى ساحة للعلاقات المحرمة والخيانة الزوجية. كيف تنظرين الى هذه القضية وخطورتها؟

الرجل والمرأة اللذان ينخرطان في علاقة على الإنترنت يتبادلان غالباً الصور‏ والمعلومات الخاصة‏‏ والمشاعر‏،‏ وهذه كلها انتهاكات واضحة للعلاقة الزوجية‏،‏ فما قد يبدأ كتعارف بريء قد ينتهي بفضيحة كبرى‏،‏ ولأن العقل سيتوقف عن استيعاب هذه الأفكار الخيالية ويطالب بواقع ملموس وحسي‏،‏ عندها تقع الخيانة‏،‏ ولكن لماذا نضع ضوابط على أنفسنا كيلا ننجرّ الى هذا الطريق؟

أصبح الجنس عبر الإنترنت ظاهرة منتشرة وبقوة في السنوات الأخيرة‏،‏ وقضية عالمية شائكة، فالانخراط في علاقات مع فتيات ونساء على مواقع الدردشة العامة‏،‏ لا يخلو من جزئية الخيانة‏،‏ على الحكومات العربية والإسلامية تصفية أو فلترة المواقع الإلكترونية الإباحية‏،‏ وأن تعلم أن الخراب إذا أدرك الأسر‏،‏ فإنه بسرعة البرق يدرك المجتمعات‏.