الاغلبية الصامتة: شربوها الحين
إن ما قدم من استجوابات في وقت واحد لا يوحي لنا سوى بأمر واحد هو أن وزير التنمية رغم كل الهالة المحيطة به لا يريد صعود المنصة، وأفضل طريقة أمامه هي إسقاط الحكومة بأكملها، فهذا هو المخرج الأفضل لديه، وتوقعاتي بناء على ما ورد من معلومات عن مواقف بعض الوزراء المستجوبين تشير إلى أن عمر هذه الحكومة لن يطول. في 16 ديسمبر الماضي كتبت «أقول لكل من صفق وهلل للهراوات ومارس التضليل والدجل الإعلامي إن العصا عندما ترفع لا تختار ضحاياها، والسياسة قلابة، والأيام تدور، فيا من صفقت اليوم، غدا ستنزل عليك نفس العصا...»، كان كلامي وقتها عاما وينتظر من سيأتي عليه الدور، قد يكون أحد النواب المؤيدين لضرب زملائهم والمواطنين في ديوان الحربش، وقد تكون وسيلة إعلامية تبنت تدشين دستور الهراوات وقمع الحراك السلمي، وقد يكون كاتبا يدعي زورا أنه متمسك بالحريات العامة، ويعض بنواجذه على الفكر التقدمي الذي لا يفرق بين البشر على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي أو اجتماعي.
اليوم وبعد ثلاثة أشهر فقط انسلخت مجموعة جديدة من النواب قادمة من قلب الفريق الحكومي بفضل النهج الحكومي العاجز عن مواكبة الأحداث والغارق في مستنقع الشبهات والتنفيع، وعلى ذمة صحيفتي «عالم اليوم» و»القبس» يوم الثلاثاء الماضي قرر «بعض» النواب الشيعة إعلان البيان رقم «واحد» على الحكومة التي «بصموا» لها حتى قبل أن تقدم الاستجوابات لرئيسها وأعضائها.وبقدر ما لهذا التحول الصادم في موازين القوى على مستقبل الحكومة على المدى القصير، فقد أتت ردة الفعل على قدر الصدمة «يواش يواش»، فالنائب صالح عاشور دخل التاريخ السياسي البرلماني أمس كأول نائب يستجوب وزير الخارجية، هذا هو عاشور نفسه الذي قال لداوود الشريان في يناير الماضي ببرنامج «واجه الصحافة» على «قناة العربية»: «الاستجوابات ليست هي الحل لقضايانا، ومن الممكن تشكيل لجنة تحقيق وتحميل الآخر نتائج ذلك التحقيق، فإذا لم تبادر الحكومة بالإصلاح فهنا نبدأ بتفعيل المحاسبة»، ونحن لن نسأله أين لجان التحقيق؟ وأين النتائج؟ لكننا سنقول له هذا حقك الدستوري، ومارسه كما تشاء، وكل ما نريده منك هو تذوق ما ستسمعه من البقية الباقية من نواب الحكومة، مثل «شخصانية ومصالح ضيقة... إلخ». الطرف الثاني «ما أروعك» هو النائب فيصل الدويسان المتخصص في وزارة الإعلام وكأنه يحن إلى الأيام الخوالي، حشر استجوابه الروائي ضمن طابور استجوابات التأزيم وتعطيل التنمية، وكأنه يتخطى طابور «الخباز»، هذا هو نفسه الدويسان الذي أعلن على قناة «الراي» في ديسمبر الماضي رفضه لفكرة التوقيع على كتاب عدم التعاون قبل مناقشة استجواب رئيس الحكومة، وفي نفس المقابلة أعلن على الهواء أنه مستعد «للتوقيع على الهواء مباشرة على كتاب التعاون مع الرئيس!!!». وفي الأمس فقط أعلن نفس النائب أنه مؤيد لكل استجواب قدم سلفا أو سيقدم من الكتل والمستقلين لأي عضو في الحكومة الحالية أو رئيسها، يعني بالمختصر الدويسان لم يترك لمن وصفهم بالمؤزمين في سالف العصر والزمان فرصة لمنافسته في دوري المؤزمين.في الختام، فإن ما قدم من استجوابات في وقت واحد لا يوحي لنا سوى بأمر واحد هو أن وزير التنمية رغم كل الهالة المحيطة به لا يريد صعود المنصة، وأفضل طريقة أمامه هي إسقاط الحكومة بأكملها، فهذا هو المخرج الأفضل لديه، وتوقعاتي بناء على ما ورد من معلومات عن مواقف بعض الوزراء المستجوبين تشير إلى أن عمر هذه الحكومة لن يطول حتى اكتب مقالي الجديد الخميس القادم.الفقرة الأخيرة: بالأمس القريب كنا نقولها لكتلة «الحضر» دعكم من ضلالكم حتى «شربوها»، واليوم نقولها للمستجدين في نادي التأزيم: «شربتوها واللا بعد»؟ ومرحبا بالعضو المستجد عدنان المطوع.