اتحاد الغرف الخليجية: تعديل نظام «مركز التحكيم الخليجي» ضروري لاستمراريته وتحقيق الهدف من إنشائه

نشر في 16-11-2010 | 00:01
آخر تحديث 16-11-2010 | 00:01
• نموذج الاتحاد الأوروبي هو الأمثل في مجال التحكيم وفضِّ المنازعات

• 26 قضية فقط عُرِضت على المركز في خمس سنوات
أعد اتحاد غرف التجارة الخليجية دراسة حديثة عن مركز التحكيم التجاري الخليجي، بيَّنت نظرة الغرف الأعضاء إلى المركز، واضعةً إطاراً للأدوار الجديدة التي يمكن أن يقوم بها خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى توصيات وحلول مقترحة لعلاج الاختلال في تركيبته.

في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي وبعد سنوات قليلة من إقامة مجلس التعاون الخليجي، بدأ الاهتمام بالتحكيم التجاري يزداد، إذ أُقيم العديد من الاجتماعات والمؤتمرات لتسليط الضوء على أهمية هذه الوسيلة في دعم القطاعات التجارية والمالية والصناعية المختلفة في تسوية منازعاتها بسرعة وكفاءة وسرية مع تكاليف معقولة، وتم إخراج هذه الفكرة إلى النور بإقرار النظام الخاص بمركز التحكيم الخليجي في ديسمبر 1993 من قِبَل قادة دول مجلس التعاون ولكن دون الأخذ برأي اتحاد غرف دول المجلس التعاون الخليجي، وبعد حوالي عام تم إقرار لائحة التحكيم في نوفمبر 1994، وتم تعديل هذه اللائحة في أكتوبر 1999.

ومن جانبها، أبدت غرف دول مجلس التعاون الخليجي تحفّظها بشأن تأسيس المركز من البداية، حيث شددت على رفضها تمويل ميزانية المركز، مشترطة ضرورة إعادة حق إصدار شهادات المنشأ وحق تنظيم المعارض الخليجية المشتركة التي سحبت من الغرف الأعضاء بموجب الاتفاقية الاقتصادية الموحدة.

"الجريدة" حصلت على مذكرة أعدها اتحاد غرف التجارة الخليجية بشأن مركز التحكيم التجاري الخليجي بينت نظرة الغرف الأعضاء إلى المركز، واضعة إطاراً للأدوار الجديدة التي يمكن أن يقوم بها خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى توصيات وحلول مقترحة لعلاج الاختلال في تركيبة المركز.

وأوضحت المذكرة أنه على الرغم من اختلاف اختصاص المركز اختلافاً كلياً عن اختصاص الغرف الأعضاء من ناحية، وعن اختصاص الهيئات ومؤسسات ومراكز التحكيم تحت مظلة الغرف الأعضاء في كل دولة على حدة من ناحية أخرى، فإن الاختصاص الذي يمتلكه المركز الخليجي لا يقارن باختصاص أي من مراكز ومؤسسات التحكيم الخليجية الأخرى، خاصة إذا ما تحدثنا عن اختصاص المركز الخليجي الفريد في مجال تسوية المنازعات الناشئة عن تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة والقرارات الصادرة تنفيذيا لها، وحتى عند الحديث عن الاختصاص الآخر المتمثل في تسوية المنازعات الناشئة بين الأفراد والمؤسسات من دول مجلس التعاون بينهم وبين الآخرين من خارج دول المجلس فإن بقية المراكز الموجودة في دول مجلس التعاون لا تمتلك مثل هذا الاختصاص، رغم أنه بإمكان أي طرفين من دول مجلس التعاون اللجوء إلى أي من المراكز الموجودة في دول مجلس التعاون الخليجي الأعضاء، إلا أن أحكام التحكيم الصادرة من مركز التحكيم الخليجي معترف بها من محاكم دول المجلس ويمكن تنفيذها بسهولة اكبر من خلال المحاكم في دول المجلس، استنادا إلى القرارات التنفيذية التي اصدرتها الدول الأعضاء على نظام المركز.

تجاوز في الاختصاصات

ويرى أعضاء الغرف أن المركز لم يقدم ما كان متوقعا منه بل اصبح عبئا على الأعضاء وان المركز قد تجاوز اختصاصاته التي من اجلها انشئ، وقد تمثل ذلك في الأمور التالية:

1- إلغاء شعار اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي من جميع الأوراق الرسمية والاكتفاء بشعار المركز والأمانة العامة لمجلس التعاون اعتبارا من 2003م على الرغم من التزام الغرف بتمويل ميزانية المركز.

2- عدم الانسجام والتواصل بين أعضاء مجلس إدارة المركز الذين يمثلون الغرف الأعضاء مع مجلس إدارة الغرف الأعضاء وعدم الاستئناس برأيهم في قرارات مركز التحكيم.

3- منافسة الغرف الأعضاء في التحكيم في القضايا بين منتسبي الغرف الأعضاء والتي تدخل في صميم عمل الغرف.

4- عدم التعاون بين الأمانة العامة للمركز والغرف الأعضاء، ويبدو ذلك في قيام الأمانة العامة بتنظيم فعاليات وأنشطة في بعض الدول الأعضاء دون التنسيق مع الغرف الأعضاء في هذه الدول.

5- قيام الأمانة العامة للمركز ببعض الأمور واتخاذ القرارات دون الرجوع لمجلس إدارة المركز بصفته المرجع الأساسي لإصدار القرارات والسياسات المتعلقة بالمركز وإبداء الرأي في أمور ليست من صلاحياتها ونشير هنا على سبيل المثال لا الحصر إلى:

أ- البدء في إجراءات افتتاح فروع ومكاتب تمثيل للمركز في بعض دول الغرف الأعضاء دون الرجوع لمجلس الإدارة لأخذ رأي الغرف الأعضاء حيال ذلك.

ب – مخاطبة جهات دولية في مواضيع تهم المركز دون الرجوع لأعضاء مجلس الإدارة بصفتهم المرجع الأساسي للسياسة العامة التي يتبعها المركز.

ولذلك يتضح جليا أن الأسباب المذكورة أعلاه أثرت سلبا في قيام المركز بتحقيق أهدافه، وبدلا من أن يكون هو احد الأجهزة والكيانات الداعمة للتعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي بات مصدر الخلافات بين أعضائه والإساءة إليهم.

تشخيص المشكلة

أوضحت المذكرة أن مشاكل المركز تكمن في عدة جوانب مهمة في تركيبة المركز، لكنه يمكن تحديدها في الأطر التالية:

1- الإطار التشريعي.

2- الإطار التنظيمي/ الإداري.

3- الإطار المالي.

4- تفعيل الاختصاص (العام/ الخاص) وبناء المصداقية.

حلول مقترحة

واقترحت المذكرة عددا من الحلول لكل إطار على الشكل التالي:

في الإطار التشريعي:

- إذا ما رغبنا في تفعيل دور المركز واختصاصه المتعلق بالاتفاقية الاقتصادية الموحدة والاتحاد الجمركي الخليجي والسوق الخليجية المشتركة فإن احد الحلول المقترحة هو إجراء تعديل على نظام المركز بهدف الزام الدول أن تحل المنازعات المتعلقة بهذه الاتفاقية عن طريق التحكيم بموجب أنظمة المركز ولائحة إجراءاته بعد تعديلها لتنسجم مع التعديلات الجديدة على النظام.

- إجراء بعض التعديلات على لائحة إجراءات المركز بداية واعتماد هذه التعديلات من قبل لجنة التعاون التجاري بالمجلس ويمكن تلخيص التعديلات في المحاور التالية:

1- ادخال التحكيم الخاص بموجب أنظمة دولية معتمدة.

2- ادخال نظام الوساطة والوسائل البديلة الأخرى المعروفة بـ (ADR) وهو التوجه الحالي لدى الكثير من دول العالم.

3- اقتراح إنشاء قسم خاص بالدراسات والبحوث المتعلقة بتسوية المنازعات التجارية وتحويل المركز إلى أهم بيت خبرة في المنطقة في مجال التحكيم وتسوية المنازعات وديا.

- إنشاء مؤسسات قطاعية فرعية للمركز متخصصة في تسوية منازعات قطاعية في مجالات معينة مثل:

- التحكيم وتسوية منازعات المصارف والبنوك.

- تسوية منازعات القطاع البحري.

- تسوية منازعات قطاع الاتصالات.

- تسوية منازعات الملكية الفكرية والصناعية وغيرها من القطاعات ويمكن البدء بقطاع معين ومن ثم فتح مجال لقطاعات أخرى في كل سنة جديدة وفي بقية دول المجلس.

- إقامة مركز تدريب للتحكيم.

في الإطار التنظيمي الإداري:

يجب إعادة هيكلة للأطر التنظيمية الإدارية للمركز على الشكل الآتي.

أ- مجلس الإدارة

تحديد المواصفات المناسبة لعضوية مجلس الإدارة من خلال تعيين أصحاب الخبرة والكفاءة في الحقل القانوني وتسوية المنازعات على ألا يكونوا اعضاء في مجلس إدارة الغرفة، وذلك لإعطاء المزيد من الاستقلالية، وكذلك عدم تدخل مجلس الإدارة في الأمور الإدارية المالية اليومية للمركز وبالاخص عدم التعرض من قريب أو من بعيد لاختصاصات الأمين العام في العملية التحكيمية.

ب – الجهاز التنفيذي والأمين العام

الأمين العام

وضع اشتراطات صارمة لتعيين الأمين العام من حيث الكفاءة والخبرة والمؤهل الحقوقي والنزاهة ومنح الأمين العام الصلاحيات الإدارية المالية الكافية لممارسة دوره وصلاحياته وعمله على أكمل وجه.

الجهاز الإداري

ضرورة تعيين مستشار خاص لمجلس الإدارة (كبير المستشارين)

تعيين عدد كافٍ من المستشارين القانونيين لمساعدة الأمين في عمله اليومي والاهتمام بسكرتارية التحكيم وتعيين أحد المستشارين مسؤولاً عن هذه السكرتارية وتدريب أعضاء السكرتارية على أعمال هيئات التحكيم ضمن الإجراءات المتبعة لدى المركز، أو ضمن إجراءات التحكيم الخاص واختبار كفاءات ملمة باللغتين العربية والإنكليزية أو الاستعانة بالأجانب في حال الحاجة إلى كفاءات أجنبية في ما يتعلق بإجراءات التحكيم عند اختيار الأطراف لغة أجنبية (مثل الإنكليزية).

في الجانب الإداري

تطوير الموقع الإلكتروني للمركز باللغتين العربية والانكليزية وإنشاء مكتبة إلكترونية وتحويل بعض المرافق إلى قاعات خاصة للتحكيم بحيث يتم الاستفادة منها وتأجيرها للعملاء في تحكيمات المركز أو في التحكيم الحر.

في الإطار المالي

التمويل هو الإشكالية الذي يواجهه المركز، إذ إن المركز ظل يعتمد على مساهمات الغرف الأعضاء كمصدر أساسي للتمويل طوال تلك الفترة منذ إنشائه، إلا أن الغرف الأعضاء وبعد هذه المدة اتخذت قرارها بإيقاف مساهماتها لدعم المركز ورأت انه أن الآوان لأن يقوم المركز بتمويل نفسه ذاتيا، ولذلك يمكن للمركز تبني المقترحات الواردة أدناه لمعالجة وضعه المالي.

1- إضافة بند في ميزانية مجلس التعاون السنوية ولمرة واحدة بمبلغ مناسب يغطي احتياجات هذا المركز أو تقسيطه على مدة بين 3 و5 سنوات.

2- تبني الدول لفكرة بناء مبنى للمركز في دولة المقر من عدة أدوار، على أن تتبرع البحرين بقطعة أرض وتساهم دول مجلس التعاون الخليجي بالتمويل بالتساوي لبناء المشروع أو أن تقوم بضمان قرض من بنك أو عدة بنوك على أن يتم دفع اقساط القرض من مداخيل المبنى الاستثماري، وفي ذات الوقت يقوم المركز بوضع خطة لزيادة مداخليه وتنويع مصادر دخله وذلك:

• بالتركيز على جذب القضايا أولاً.

• وزيادة مداخليه من التدريب.

• وابتكار أنشطة جديدة ومصادر مدرة للمداخيل مثل:

أ• الولوج في التحكيمات الخاصة

ب - اعتماد آليات جديدة لتسوية المنازعات مثل الوساطة (Mediation) وغيرها من الوسائل بما يعرف بالوسائل البديلة الأخرى لتسوية المنازعات ADR كذلك إنشاء جهاز لتقديم الاستشارات القانونية والدراسات والبحوث للدول والغرف الأعضاء وللآخرين مقابل أتعاب معينة.

تفعيل الاختصاص (العام والخاص)

لقد حدد نظام المركز المقر من قادة دول المجلس اختصاصيين للمركز في مجال تسوية المنازعات التجارية عن طريق التحكيم الأول إذا نشأ نزاع بين مواطنين من دول المجلس سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين (اعتباريين) أو بينهم وبين الغير (الاختصاص الخاص) الثاني، المنازعات التجارية الناشئة عن تنفيذ أحكام الاتفاقية الاقتصادية والقرارات الصادرة تنفيذاً لها (الاختصاص العام)

وعلى مدى خمسة عشر عاماً من عمر المركز وبعد جهود جبارة بذلها المركز تمكن من استقطاب بعض التحكيمات التجارية في الاختصاص الأول إلا أن ذلك لا يرقى لا من ناحية الكم ولا من ناحية الكيف إلى مستوى الطموح المأمول ولا إلى المستوى المقبول لمركز إقليمي، ويمكن الإشارة إلى الأسباب الرئيسية لعدم تمكن المركز من تبوء مستوى متقدم في هذا المجال على الشكل التالي:

أولاً: أسباب ذاتية وموضوعية داخلية.

ثانيا: أسباب خارجية.

الأسباب الذاتية والموضوعية

1- عانى المركز نقصاً شديداً في الكفاءات الإدارية القانونية التي انعكست على إمكانات وقرارات المركز في طرح نفسها كآلية لتسوية المنازعات عن طريق التحكيم.

2- وجود بعض القصور الإجرائي في اللائحة الداخلية للمركز مما أثر كثيراً على استقطاب التحكيمات ذات الطابع الدولي أو التخصصي، وقد تم تدارك ذلك القصور في الجزء الأكبر منه عندما قام مجلس إدارة المركز بعد مرور خمسة أعوام بإجراء التعديل المطلوب وكسب المصداقية.

3- عدم قيام الدول الأعضاء باعتماد المركز كجهة اختصاص لها في مجال تسوية المنازعات فلم نجد حماساً لدى الدول الأعضاء في إحالة تحكيماتها مع المستثمرين إلى هذا المركز الوليد، ربما بسبب حداثة عمره ولعدم قناعتها بقدرة المركز على التصدي للتحكيمات الدولية والتخصصية، فضلاً عن قبول الدول اللجوءَ إلى المراكز الدولية مثل lcia and iccand AAA وغيرها خاصة عند وجود عقود سارية تنص على اللجوء إلى التحكيم في المراكز التحكيمية المذكورة، ولكن حتى في العقود الحديثة فإن الأمر لم يتغير كثيراً خاصة عندما يكون المستشار القانوني في الوزارة المعنية بالدول الأعضاء أجنبياً أو حتى عربياً في بعض الأحيان، ويميل إلى المراكز الأجنبية ذات الخبرة العريقة والمصداقية.

الأسباب الخارجية

1- ومن أهمها قيام الدول والغرف الأعضاء بإنشاء مؤسسات التحكيم في دولها، وهنا عند استعراض الدول الخليجية فإننا نجد أن لكل الدول الأعضاء ومن خلال الغرف التجارية مراكز ومؤسسات تحكيم تابعة لها بل إن هناك في بعض الدول أكثر من مركز واحد للتحكيم، ومن الطبيعي أن يؤثر ذلك على أداء المركز الخليجي واستقطابه للتحكيمات.

2- التحكيم في المنازعات التجارية الناشئة عن تنفيذ أحكام الاتفاقية الاقتصادية الموحدة والقرارات الصادرة تنفيذاً لها لأن هذا الاختصاص يتعلق بتسوية المنازعات التي قد تنشأ عن تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة وقراراتها التنفيذية عن طريق التحكيم والنص في تفسيره لا يحتاج إلى تأويل وتحليل عميق، فالمسألة تتعلق بمنازعات أطرافها هم من الدول الأعضاء أو منازعات بين طرف يمثل الدول المعنية مثل الجمارك والتاجر وشركة من دولة أخرى عضو في مجلس التعاون، لكن المشكلة تكمن في الشرط الصريح بأن يتفق الطرفان على إحالة النزاع إلى التحكيم بموجب أنظمة المركز، وهنا بيت القصيد فإذا وافق طرف واحد على اللجوء إلى التحكيم فإنه في هذه الحالة لا ينعقد الاختصاص للتحكيم ما لم تجتمع إرادة الطرفين على اللجوء والإحالة إلى التحكيم بالمركز، وهذا من المستحيل، إذ أثبتت تجربة الأعوام الخمسة عشر من عمر المركز أن الدول الأعضاء ترفض اللجوء إلى المركز للتحكيم في المنازعات المتعلقة بتنفيذ الاتفاقية المذكورة، وكذلك قراراتها الصادرة لها بحجة السيادة، ولم يتم حتى الآن السعي إلى تفعيل آلية التحكيم (الاختصاص العام) هذه بينما ظل هذا الاختصاص حبراً على ورق بالرغم من وجود منازعات عديدة حدثت خلال الفترة المذكورة تم احتواؤها أو تعليقها دون حل لذلك فإن المركز يعاني إعاقة واضحة في النصف الآخر لاختصاصه وسبب الإعاقة يكمن في تجميد تسوية المنازعات الخاصة بالاتفاقية وقراراتها التنفيذية دون تشخيص واضح وتفصيلي لهذه الإعاقة وبالتالي عدم البحث عن علاج شافٍ وناجع لتفعيل هذا الاختصاص ضمن أطر وأجهزة مجلس التعاون الخليجي التي كانت تكتفي بمجرد التذرع بالتمسك بمبدأ السيادة، وكأن هذا المبدأ لم يكن معروفاً ومعلوماً عندما وضع القادة نظام المركز وأقروه قبل عقد ونصف من الآن.

إن تجارب الدول والتجمعات الإقليمية الأخرى تدل بشكل واضح على تنازل الدول في الأمور التجارية عن مبدأ السيادة لأن اللجوء إلى التحكيم لتسوية منازعاتها التجارية لن تسلب أو تصادر سيادتها، وهذا هو الاتجاه الدولي السائد في التحكيم التجاري بشكل عام، لذلك فإن الحل في يد الدول الخليجية الأعضاء في المجلس من خلال الدفع بتفعيل هذا الاختصاص كما هو منصوص عليه في النظام أو اللجوء إلى تعديل النظام ليصبح التحكيم إلزاميا في حالة رغبة أحد الأطراف في اللجوء إلى التحكيم بالمركز.

النموذج الأمثل

نعتقد أنه من الضروري دراسة تجربة الاتحاد الأوروبي في مجال التحكيم والمنازعات بين الدول الأعضاء، والمحكمة الأوروبية التي تم تأسيسها هناك، والاستفادة منها في وضع الحلول الناجعة لعمل مركز التحكيم التجاري الخليجي.

الخلاصة

تعتبر هذه المذكرة مساهمة من غرف دول مجلس التعاون الخليجي في تفعيل دور مركز التحكيم، والذي كان وما زال يشكل إحدى نقاط الاختلاف بين دول مجلس التعاون والغرف الأعضاء من جهة وبين الغرف الأعضاء.

26 قضية

لم تتعدَّ القضايا المحالة إلى المركز خلال الفترة من 2005 إلى 2009، 26 قضية بلغت إيراداتها نحو 92.6 ألف دينار بحريني، وشهدت إيرادات القضايا وعددها تراجعاً ملموساً منذ بداية الأزمة بين عامي 2008 و2009، إذ انخفضت من 9 قضايا بإيرادات بلغت 19.33 ألف دينار إلى 4 قضايا بـ8.26 آلاف دينار.

أدوار جديدة

قالت المذكرة إنه في حالة استمرار عمل المركز فيجب أن يسعى لأداء أدوار جديدة، موضحة أن الأدوار التي يمارسها الآن تتركز أساسا في ما يلي:

1- تنظيم الأنشطة والفعاليات كالمؤتمرات والدورات التدريبية القصيرة وورش العمل.

2- تنظيم التحكيم بموجب نظام المركز وما يترتب على هذين الدورين من أنشطة إعلامية مرافقة وأنشطة إدارية غير فعالة في إدارة التحكيمات وما يعرف بالـ Case Managemen إلا اننا لو أردنا اخراج المركز من وضعه الحالي فإن أدوارا جديدة تنتظر المركز منها:

1- تفعيل دوره في تسوية المنازعات الناشئة بشأن تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بما في ذلك الاتحاد الجمركي الخليجي والسوق الخليجية المشتركة وتحقيق المواطنة الاقتصادية وقراراتها المنفذة لها في حال اقناع الدول بضرورة تفعيل هذا الدور.

2- ممارسة التحكيم الخاص من خلال تفعيل الفصل الرابع من نظام المركز في المادتين (21) و(22) حيث لم يتم حتى الآن الاهتمام بهذا الجانب وبهذا النوع من التحكيم.

3- الولوج إلى عالم الوساطة والتوفيق وغيره من وسائل تسوية المنازعات الودية البديلة المعروفة بـ ADR.

4- إنشاء مركز متخصص للدراسات والبحوث المتعلقة بعالم تسوية المنازعات التجارية والعمل على تكثيف الإصدارات الخاصة بتسوية المنازعات في دول مجلس التعاون باللغتين العربية والانجليزية وتسويقها.

5- إقامة شراكات مع الغرف الخليجية أو حتى مع الدول الأعضاء لإقامة فروع التحكيم المتخصص، حيث اعطينا من قبل بعض الأمثلة على ذلك مثل:

أ- إقامة فرع متخصص في المنازعات البحرية.

ب – إقامة فرع في دولة المقر أو في أية دولة أخرى مختص بالمصارف وبالانشاءات أو أي مجال آخر يتم الاتفاق عليه بناء على دراسة واقع كل دولة حتى يشمل كل دول المجلس ويتم تغطية معظم التخصصات المطلوبة ضمن خطة مدروسة.

ت – إقامة مركز تدريب للتحكيم من خلال شراكة مع احد المراكز العالمية المتخصصة، وذلك بالتعاون مع إحدى الغرف الأعضاء.

وبالإمكان منح بعض هذه الأنشطة التي اشرنا إليها لجهات أخرى out sourcing مثل البند (2) المتعلق بالتحكيمات الخاصة والبند (4) المتعلق بإنشاء مركز للبحوث وكذلك الدخول في شراكات مع مؤسسات عالمية للتحكيم المتخصص مثل غرفة التحكيم البحري في باريس. وكذلك مع المؤسسات الدولية التي تعتمد الوساطة والـ ADR عموما.

6- إجراء بعض التعديلات على لائحة إجراءات المركز واعتماد هذه التعديلات من قبل لجنة التعاون التجاري بمجلس التعاون الخليجي ونذكر منها التعديلات التالية:

أ- تشكيل مجلس إدارة المركز من خلال تعيين أصحاب الخبرة والكفاءة في الحقل القانوني وتسوية المنازعات.

ب – تعيين الجهاز الإداري وسكرتارية المركز من ذوي الخبرة والمؤهلات القانونية.

ج – ادخال التحكيم الخاص بموجب أنظمة دولية معتمدة ضمن أنشطة المركز الرئيسية.

د – ادخال نظام الوساطة والوسائل البديلة الأخرى المعروفة بـ ADR ضمن أنشطة المركز.

9- تمويل الجزء الاكبر من ميزانية المركز من ميزانية مجلس التعاون لدول الخليج العربية (وذلك بما يعادل 50 في المئة والجزء الآخر من أنشطة المركز الرئيسية).

10- أن يتكامل نشاط المركز ولا يتنافس مع مؤسسات التحكيم المنشأة في دول مجلس التعاون وغرف التجارة بدول المجلس والتي تهتم بتسوية المنازعات الفردية، وأن يقدم لها الدعم الفني في مجال تسوية المنازعات.

11- الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي في مجال التحكيم وتسوية المنازعات بين الدول الأعضاء في وضع الحلول الملائمة لتفعيل مركز التحكيم التجاري الخليجي.

back to top