آخر وطن النساء ايام عادية


نشر في 10-09-2010
آخر تحديث 10-09-2010 | 00:01
 مسفر الدوسري يشبهك العيد...!

صباحاتكما متشابهة للحد الذي يجعلهما صبحا واحدا

تنساب جداول النور في فيافيه ليُحيي الغصون التي ارتوى الجفاف من خضرتها وكانت رميم!

وفرحٌ يطير بخفة عصفور على النوافذ يحمل أوراق «نوتته» الموسيقية ليلصقها على خدر الشبابيك التي تلحفّت غبش الضباب!

وملابس جديدة عشقتها العطور حد الصبابة فأصبحت جزأ من نسيجها...!

صبحكما مليء بالأغاني المبهجة والأهازيج التي حُفظت في صندوق عتيق توارثته الذاكرة جيلا بعد جيل بحرص بالغ ومباهاة عظيمة!

يشبهك العيد...

كلاكما يهزّ شجرة الطفولة ليوقظ أسراب الحمام لتحلق في سماء البراءة وتحرث الفضاء زارعةً أغانيها بشائرَ أذهلت المنجمين بصدق نبوءاتها !

ويمسح بزيت زهرة الرضا على الجباه المثقلة بحمل السنين لتختفي رويداً رويداً تلك التجاعيد التي تكاثرت لتكبّل بأسلاك العجز أجنحة الأمل.

تتسللان لتأخذا الطفولة من سريرها، وتجلسانها على أرجوحة في حديقة البيت لتمرجحاها، وتتشاركا معها حلوى الضحك بصوت عالٍ أقضّ مضجع الساكنين!

وتعرفان بذات الوقت كيف تسندان عصا الكهولة لتقف وتطل من نافذة عينيكما لتتنفس شذى الحياة!

كلاكما... مغرم بالحياة!

تميطان غطاء الوحشة عن وجه لياليكما وتغزلان من خيوط الفوانيس المعلقة على الجدران شالا يزيّن كتف ليلكما.

تخبئان الحلوى في جيوبكما والألعاب والدمى والمفاجآت السارة،

رائحة البخور تنبعث من موطئ أقدامكما وتفيض لتسكن أنفاس الرمل،

تجعلان الوقت خزائن مفتوحة أبوابها لحفظ اللحظات الثمينة، ونظمها عقدا يزيّن جيد الأيام،

في العيد تتمدد الحناء رسوما ونقوشا على الكفوف المترفة لتصبح لوحات تستحق أن تُعلق على حائط الجمال.

أما أنت فتخضّبين كفوف الظلمة بسناء النجوم لتبدو السماء أكثر رحابة وبهاء،

يأتي العيد ليكسر رتابة الأيام وينقذها من شباك الملل

وأنت تكسرين رتابة النساء وجمالهن الملل أحيانا،

في العيد تُنثر الزغاريد كقصاصات الورق الملوّن من نافذة ما من السماء

وأنت كذلك، تمتطين قافلة من الزغاريد التي تحمل موكبك كلما هممت في المسير،

أتذكرك حين افتتحتِ مباهج القلب بدخولك حياتي...

خلعتِ عن أيامي ثيابها الرثة،

لم تأخذيها إلى مغطس لتستحمّ، وإنما أوقفتها تحت شلال سحري، وجففتها بأوراق أشجار ناعمة كالأسفنج،

ألبستي أيامي ثيابا جديدة، تسكن بين خيوطها رائحة دهن العود، وماء الورد،

أخذت أيامي إلى حديقة الألعاب،

مرجحتي ساعات العمر بين السماء والأرض،

وزعتِ قطع الحلوى الصغيرة الملونة على كل الثواني وإن لم يكن بعدالة، ولكن باكتفاء واضح في ابتسامات رُسمت على شفاه الثواني لا تخطئها العيون،

جعلت أيامي تمشي بخفة غزال في مرابع العمر،

وتتبختر بزهوٍ مشرق،

أنقذتِ أيامي من مللها، وأشعلتِ في موقدها ما يكفي من الجمر زوادة للدفء بقية العمر،

أنت الورقة الملونة الوحيدة في روزنامة النساء،

فكل النساء أيام عادية، وأنت وحدك العيد!

back to top