تنفيذاً للتعليمات... «الهيئة» تضغط للمشاركة في «الآسياد»

نشر في 31-10-2010
آخر تحديث 31-10-2010 | 00:01
أكدت في تقريرها لمجلس الوزراء تغريم الكويت مليون دولار في حال الانسحاب
يحدد مجلس الوزراء في اجتماعه، الذي سيُعقَد اليوم أو غداً، مصير مشاركة الكويت في دورة الألعاب الآسيوية، علماً بأن تقرير الهيئة أكد أن الكويت ستكون ملزمة دفعَ غرامة مليون دولار عند اتخاذ قرار بالانسحاب!

في الوقت الذي يناقش فيه مجلس الوزراء في اجتماعه، المقرر عقده مساء اليوم أو صباح الغد، مشاركة الكويت تحت العلم الأولمبي في دورة الألعاب الآسيوية المقرر إقامتها في مدينة غوانزوا الصينية خلال الفترة من 12 إلى 27 نوفمبر، وتواترت أنباء خلال الفترة الماضية أن تقريرالهيئة العامة للشباب والرياضة الذي رُفِع إلى نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية ووزير الدولة لشؤون العدل والأوقاف راشد الحماد تضمن تحذيراً من توقيع غرامة على الكويت قدرها مليون دولار من المجلس الأولمبي الآسيوي في حال الانسحاب من البطولة. ومن الجدير ذكره أن الحماد كان قد طلب من  نائب مدير الهيئة العامة للشباب والرياضة عصام جعفر، عقب الاجتماع الذي جمعه معه قبل حوالي الأسبوعين، ضرورة إعداد تقرير وافٍ عن الأضرار والنتائج التي قد تلحق بالرياضة الكويتية في حال عدم المشاركة في الدورة.

لا عقوبات على الدول المنسحبة

 وقد لا نستغرب ما قد يحتويه التقرير، فالجميع يعرف أن القائمين على إعداده ليسوا محايدين بل إنهم ينفذون توجيهات أطراف ذات مصلحة، بعيداً عن الأسس التي استند إليها جعفر في تقريره بشأن الغرامة المتوقعة والعقوبات على الكويت وما إذا كان قد خاطب بشكل رسمي اللجنة الأولمبية الكويتية أو المجلس الأولمبي الآسيوي لمعرفة حقيقة الموقف الكويتي.

 فالمعروف أن مشاركة الدول في البطولات الإقليمية والقارية والدولية ليست إلزامية، ولا تُوقَّع عقوبات على الدول المنسحبة إلا في حالة واحدة، وهي الانسحاب بعد المشاركة في التصفيات أو سحب القرعة، والمعروف أن دورة الألعاب الآسيوية لا تصفيات فيها لأي لعبة، كما أنها لا تعتبر تصفيات أو مرحلة تأهيلية لأي دورة أو بطولة أخرى كما هي الحال بالنسبة لبعض البطولات التي تعتبر مؤهلة للألعاب الأولمبية أو بطولات العالم، والتي يؤخذ بتصنيف الفرق أو اللاعبين فيها للسماح لهم بالمشاركة في بطولات أخرى.

ولعل أكبر دليل على هذا هو اختيارية الاشتراك للدول في عدد الألعاب وأنواعها، بالإضافة إلى عدد اللاعبين في الألعاب الفردية، ولو كان الاشتراك إلزامياً لكنا رأينا كل الدول تشترك في كل الألعاب، ولكانت أعداد الوفود متساوية للجميع، لأن الدول سيكون مفروضاً عليها أعداد ولعبات معينة وفق ما يراه المجلس الأولمبي الآسيوي، لا ما تريده الدول المشتركة.

الضغط لتغيير القوانين

ولعل من المفيد تأكيد أن الهدف من الإصرار على المشاركة في الدورة من قِبَل المنتفعين من هذا الأمر يرجع إلى اعتباره ورقة ضغط قوية يتم من خلالها التأثير على الحكومة بضرورة تغيير القوانين الوطنية حتى تأتي على «هواهم» وتحقق مصالحهم وأهدافهم بعيداً عن المصلحة العامة للبلد، وبعيداً عن سياسة الإصلاح التي تهدف إلى الارتقاء بالكويت بصفة عامة والرياضة بصفة خاصة.

وإلا فكيف نفسر أن مَن يعمل على الاستعداد للمشاركة تحت مظلة العلم الأولمبي هو من يملأ الدنيا ليلاً ونهاراً بالحديث عن مصلحة الرياضة الكويتية والعمل على رفع اسم الكويت وعلمها في جميع المحافل الدولية، فأين علم الكويت واسمها من المشاركة تحت علم وشعار اللجنة الأولمبية الدولية؟!

أم أن التمتع بالمعسكرات الخارجية التي هي أشبه برحلات ترفيهية، ومرافقة الوفود في البطولة للتسوق والحصول على بدلات سفر وخلافه أصبحت هي المصلحة الوطنية؟!

الانسحاب أفضل

كما أن هناك أمراً في غاية الأهمية إذا ما أردنا أن نتكلم فقط في الجانب المادي يعادل دفع الغرامات المالية، إن صحت أو وجدت، وهو أن الدولة ستتحمل الإنفاق على اللاعبين والمنتخبات التي ستشارك في البطولة، ثم تُحسب الإنجازات «في حال تحقيقها» للاعبين فقط، ولا تضاف إلى سجل الدولة، فهل من المنطقي قبول ذلك؟

وترى ماذا سيكون موقف المطالبين بالمشاركة من الذين يتهافتون على تصوير أنفسهم بالخائفين على مستقبل الرياضيين واللاعبين لو قامت الحكومة باتخاذ قرار بإلزام المشاركين بتحمل نفقاتهم كاملة بعيداً عن خزائن الدولة، سواء في ما يخص المعسكرات أو الإقامة في الصين.

إذن فإننا إذا أردنا أن نصور الموضوع على أنه يتعلق بالجانب المادي والخسائر المالية الناتجة عن الغرامات فقط فستكون الأمور واضحة إلى صف رفض المشاركة، لأن تكلفة الوفد المشارك في البطولة ستفوق بكل تأكيد غرامة المليون دولار التي يهدد بها تقرير مسؤولي الهيئة في حال عدم المشاركة، هذا إضافة إلى تكاليف الاستعدادات العجلة، والتي ستكون دون فائدة مرجوة لقصرها وسرعتها.

لقد بات متعيّناً على الحكومة اتخاذ قرار بالانسحاب من البطولة دون مماطلة، حفاظاً على كرامة الدولة، لأن هذه السابقة الخطيرة قد تحدث مجدداً في المستقبل القريب إذا تم تشريع قوانين لا تحقق الأهداف لبعض الأشخاص، فذلك سيكون أفضل وأشرف للكويت من المشاركة تحت العلم الأولمبي.

كيف نعاقب على عدم المشاركة ونحن موقوفون؟

بقي أن نقول إن النشاط الرياضي الكويتي موقوف دولياً بقرار من اللجنة الأولمبية الدولية، وبالتبعية من المجلس الأولمبي الآسيوي، وفكرة المشاركة تحت العلم الأولمبي جاءت كخيار من المجلس الأولمبي الآسيوي، فكيف يعقل أن الجهة التي توقع الإيقاف ثم تخير الموقوف بالمشاركة تحت العلم الأولمبي، تأتي لتقرر العقوبة في حال عدم المشاركة؟ فالأصل الإيقاف، والخيار المشاركة تحت العلم الأولمبي، إلا إذا كان الإيقاف أصلاً حدثاً مفتعلاً.

التنسيق بين «الأولمبي الآسيوي» و«الأولمبية الكويتية»

تلقت الاتحادات الرياضية الكويتية أخيراً، كتباً من المجلس الأولمبي الآسيوي بالتنسيق مع اللجنة الأولمبية الكويتية، تفيد بأن المشاركة في البطولة ستكون تحت العلم الأولمبي، وعدم السماح للفرق الكويتية برفع العلم الكويتي أو ارتداء اللاعبين ملابس رياضية تحمل شعار دولة الكويت، والاكتفاء فقط بوضع اسم الكويت عليها.

وكانت الهيئة العامة للشباب والرياضة قد أجّلت جميع المعاملات الخاصة بالمعسكرات الرياضية للمنتخبات الوطنية، باستثناء إقامة المعسكر الخارجي لمنتخب اليد، إلى حين اتخاذ مجلس الوزراء قراره بشأن المشاركة من عدمها.

لكن الغريب في الأمر هو إقامة معسكر منتخب اليد قبل أن يحسم مجلس الوزراء أمر المشاركة، فهل حصل مسؤولو الاتحاد على القرار من "كونترول المجلس"؟ ومن يتحمل تكاليف هذا المعسكر في حال اتخاذ قرار الانسحاب؟

استقلالية أم تدخُّل؟

الملتفون على القوانين والمنتفعون من استمرار الأزمة لم يتركوا فرصة إلا وحذروا أو اشتكوا التدخل الحكومي، فهل سيعتبرون قرار الحكومة في حال عدم الموافقة على المشاركة تحت العلم الأولمبي تدخلاً حكومياً، ويشاركون رغم أنفها تطبيقاً لمبدأ استقلالية الحركة الرياضية الذي ينادون به؟ أم سيلجأون إلى الشكوى في المنظمات الدولية والمحكمة الرياضية الدولية "الكاس" ضد الكويت وحكومتها لمنعهم من المشاركة؟ أم سيرتضون بالأمر ويسلمون بهيمنة الدولة والحكومة على الرياضة وفق القانون؟

الأميركان والسوفيات قاطعوا الأولمبياد ولم يتعرضوا للعقاب

قاطع المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية أولمبياد موسكو عام 1980، وفي المقابل رد المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي آنذاك بمقاطعة دورة الألعاب الأولمبية أولمبياد لوس أنجلوس عام 1984، ولم توقع على الجانبين أية عقوبات حينئذ، بل ان من قاد المقاطعة في الأولى هو مَن نظّم الثانية، علماً بأن المعسكرين قاطعا الدورتين لأسباب سياسية في المقام الأول، في حين ان قرار انسحاب الكويت يجب أن ينحني الجميع له احتراماً وتقديراً، لأن الهدف من ورائه عدم مشاركة الكويتيين تحت العلم الأولمبي، وهو ما يعد انتقاصاً كبيراً من سيادة دولة الكويت، وهو أمر مرفوض تماماً.

back to top