"المتهم بريء حتي تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً". مادة (34) من الدستور.

Ad

مشاهد مرعبة بدأت تبثها وسائل الإعلام المرئية غير الرسمية تبين حقيقة ما حصل يوم الأربعاء الماضي في ديوان النائب د. جمعان الحربش، وهي مشاهد مزعجة بكل ما تعنيه الكلمة من معان لم نكن نتصور في يوم من الأيام أننا سنشاهدها في بلد الدستور والقانون والمؤسسات الديمقراطية.

على أي حال سنفترض جدلاً أن الحكومة كانت فعلاً تطبق قانون التجمعات عندما قامت القوات الخاصة بالاعتداء بكل قسوة على النواب والمواطنين العزل المسالمين الذين كانوا موجودين في مكان خاص هو ديوانية النائب د. جمعان الحربش، وهو التبرير أو الحجة التي  رددتها الحكومة وحاول المسؤولون الأمنيون التركيز عليها في مؤتمراتهم الصحفية رغم التباين الواضح في وجهات نظرهم المتعلقة بتفسير ما حدث في تلك الليلة السوداء.

سنفترض ذلك، بالرغم من عدم صحته من الناحية القانونية، كما أوضح بيان "جمعية المحامين" الذي نشر في الصحافة المحلية قبل أيام عدة، لكن مع ذلك فإن تطبيق الحكومة للقانون بالشكل الذي حصل في "ديوان الحربش" يثير الكثير من التساؤلات المقلقة التي لم تجب عنها الحكومة حتى الآن بالرغم من مضي أسبوع كامل على تلك الليلة المأساوية، لاسيما تلك التي تتعلق بموضوع الاعتداء البدني واللفظي اللا إنساني والعنيف والقاسي جداً على الزميل د. عبيد الوسمي، ومن ضمن هذه الأسئلة ما يلي: لماذا سُحب الزميل د. عبيد الوسمي عنوة من داخل بيت النائب د. جمعان الحربش وأمام شاشات الفضائيات وأمام أعين الصحافيين والمواطنين بشكل مهين جداً ليس لكرامته الشخصية فحسب، بل لكرامة كل من لديه ذرّة من الإنسانية، ثم أشبع ضرباً مبرحاً حتى فقد وعيه؟

هل لأن ما قاله في الندوة كان مخالفاً للقانون؟ لنفترض أن الجواب هو بالإيجاب كما تدّعي الحكومة، لكن في هذه الحالة أليس من المفترض أن تطبق الإجراءات القانونية السلمية المتبعة في القبض على المتهم والتي طبقت سابقاً في حالات إبداء رأي مماثلة نتج عن إحداها إلغاء المحكمة الدستورية لقانون التجمعات في عام 2006؟

ثم ماذا عن الالتزام بالمادة (34) من الدستور الوارد نصها أعلاه؟ ألم يكن الزميل، في تلك اللحظة التي ارتكب فيها ما تعتبره الحكومة مخالفاً للقانون، متهماً بريئاً حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة لاسيما أنه أستاذ القانون المعروف جيداً في الأوساط الأكاديمية؟

ثم ألا يحظر الدستور إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً؟ هل يحق، مثالاً لا حصراً، لرجال الأمن أن يقوموا بالاعتداء بالضرب والركل والسحل على من يتجاوز الإشارة الضوئية الحمراء على اعتبار أنه قد قام بمخالفة القانون؟!

إنها حقا تساؤلات محيرة ومقلقة تبحث عن إجابات شافية حتى يطمئن الناس الحريصون على الالتزام بالدستور وقوانين الدولة بأن الحكومة في تلك الليلة المشؤومة لم تتجاوز الدستور بل إنها، كما تدّعي، كانت تطبق القانون، لهذا فإننا نتمنى أن تجيب الحكومة عن هذه الأسئلة بكل شفافية ووضوح... فهل تفعل ذلك؟!