في سابقة هي الأولى من نوعها تم تحويل مجموعة من الطالبات الجامعيات إلى التحقيق؛ بسبب تعليقات عبّرن من خلالها عن رأيهن في إحدى أستاذاتهن، إضافة إلى تقديم شكوى بحقهن لدى وزارة الداخلية، ومن شأن هذا الحدث أن يلقي بظلاله على الرأي العام، ويفتح أبواباً جديدة في عالم التواصل الاجتماعي من خلال الإنترنت وجوانبه القانونية، وهذا بحث فيه تفصيل قد يكون من شأن رجال القانون والمشرعين وأهل الاختصاص.

Ad

ولكن أن تكون جامعة الكويت هي المبادرة، سواء بأساتذتها أو إدارتها إلى التعامل القانوني مع طلبتها وإحالتهم إلى التحقيق ولجان التأديب والنظام الطلابي، ناهيك عن لجوء البعض إلى الانتقام من الطلبة من خلال تقييمهم العلمي ودرجاتهم، فهذه قضية يفترض الوقوف عندها ملياً.

فإذا كان النقد وإبداء الرأي من الحقوق المشروعة والمباحة للإنسان في الأصل، فإن الصرح الجامعي هو أولى أن يكون قاعدة لانطلاق منابر الحرية وجرأة الطرح والنقد الموضوعي، خصوصاً إذا ما كان الطلبة هم العمود الفقري والعصب النابض بالحياة في مثل هذه المؤسسات التعليمية، وهذا ما لا تتفهمه ولا تستوعبه الإدارات الجامعية المتعاقبة منذ تأسيس جامعة الكويت في عام 1966. فعلى عكس المنطق نجد إدارات الجامعات دائماً هي المتصدية للحريات وقمعها وملاحقة أصحاب الرأي، سواء من الأساتذة أو الطلبة أو الإداريين لديها، وهي المؤسسة العلمية العليا الوحيدة التي شهدت اعتقال أبنائها وجرهم إلى السجون على خلفية قضايا الرأي دونما الانتصار لهم أو توكيل محامين للدفاع عنهم، وهي الإدارة التعليمية التي ضاقت ذرعاً بأي انتقاد من قبل كُتّاب الرأي من بين الأساتذة والطلبة، و»جرجرتهم» إلى المحاكم ودأبت على تهديدهم وابتزازهم بمصدر رزقهم، أو مواصلة تحصيلهم العلمي، وحرمانهم من الامتحانات، وقد سجلت الجامعة إحدى أخطر السوابق عندما طعنت في شرعية جمعية أعضاء هيئة التدريس فيها، ورفعت دعوى قضائية لمسحها من الوجود.

والغريب أن كل أنواع الملاحقات هذه، ومحاولات تكميم الأفواه، وتجميد الأقلام باءت بالفشل الذريع، ومع ذلك تواصل الإدارة الجامعية هذا الأسلوب القمعي مع كل ما هو جديد في عالم ثورة الاتصالات والمعلومات والإعلام الرقمي!

قد يكون من حق الأستاذة الشاكية أو غيرها اللجوء إلى القضاء ومقاضاة الطالبات اللاتي عبّرن عن رأيهن فيها على موقع «التويتر»، ولكن أن تستنفر الإدارة الجامعية أدواتها وضغوطها على الطلبة في قضايا الرأي فهذه ليست من شيم الحيادية والإنصاف في عالم متفجر بالمعلومات وطرق التواصل الإلكتروني.

ولعل هذه التجربة جاءت في توقيت مبكر مع تولي وزير التعليم العالي الجديد الأستاذ أحمد المليفي، وهو رجل قانون خرج من رحم الأمة من خلال انتخابات ديمقراطية؛ لتكون حرية الرأي هي أول التحديات التي يواجهها في مؤسسات التعليم العالي، فهل ينتصر لها ويترك الجامعة منبراً للحريات، أم تطوقه تراكمات التخلف والإرهاب الفكري وتاريخ القمع التي طالما شوهت الوجه الحضاري في هذه الجامعة الوطنية، التي يكفي أنها مازالت وحيدة ويتيمة ودون حرم جامعي حتى الآن؟!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة