سلوى تستجوب وزير الداخلية

نشر في 29-09-2010
آخر تحديث 29-09-2010 | 00:01
 أحمد عيسى تعج صحفنا المحلية أسبوعيا بمئات الأخبار الأمنية ذات العلاقة بالجرائم، ومن خلال رصد هذه الأخبار نرى أننا أمام دولة أخرى غير التي نعيش فيها، وربما كان انتشار وسائل الإعلام وحب الشهرة سببين رئيسين لتفشي هذه الظاهرة.

حادثة مخفر سلوى نهاية الأسبوع الماضي، والتي دعا بسببها أكثر من نائب إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية على خلفية تدخل أحد القياديين لإطلاق سراح مواطنة محتجزة على ذمة قضية، وما تلاها من تداعيات، ربما لن تكون الأخيرة في مسلسل التجاوزات التي تشهدها المخافر، هذا طبعا إن صحت القصة بتفاصيلها المنشورة.

المشكلة الرئيسة أننا أمام حالة جديدة في التعاطي السياسي، فقد تحول مجلس الأمة إلى جهة رقابة لاa مراقبة، والفرق بينهما أن الرقابة سابقة والمراقبة لاحقة، وكرس ذلك عدد من نواب مجلس الأمة مستفيدين من ضعف الحكومة وترهل جهازها الإداري إلى جانب رغبتهم بالزحف على صلاحيات الجهاز التنفيذي.

في وزارة الداخلية جهاز للرقابة الإدارية، مهمته التحقيق في أي تجاوز منسوب لأي من العاملين في الوزارة من ضباط وعسكريين ومدنيين، وعليه فإن أي تجاوز في قضية مخفر سلوى أو غيره من قضايا تخص الوزارة والعاملين فيها فإن هذا الجهاز هو مرجع التحقيق الأول فيه، كما أن مسألة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لمتابعة هذا الموضوع أو التهديد بتقديم استجواب أو حتى تقديمه فعليا، ليس سوى استعراض عضلات أكثر منه رغبة فعلية بالإصلاح.

ما حدث في قضية مخفر سلوى مستغرب ومستنكر، فقد خالف ضابطان أمر مسؤولهما، وبدلا من تطبيق اللوائح القانونية رأينا استهتارا سياسيا، والمزعج بعد ذلك، أن القضية تحولت من أمنية إلى رأي عام، ثم تسيست فحملت بعداً آخر، بينما ما جرى لا يزيد عما يحدث يوميا داخل مخافر الشرطة التي يرتادها نواب لإخراج محجوزين على ذمم قضايا ترويج مخدرات وخمور ودعارة وهتك عرض.

هناك قضايا أهم تستحق التحقيق والبحث والنقاش والاستجواب حول المسألة الأمنية، فمن غير المعقول أن تتعدى نجومية ضباط وقياديين في وزارة الداخلية ما يحصل عليه أهل الفن والرياضة، من خلال أخبارهم الأمنية المنتهية بفقرة «وحضر إلى موقع الحادث»، وكأن من حضر إلى موقع الحادث يتفضل علينا بممارسة صميم عمله، كما لا يمكن القبول بنشر بعض الصحف أسماء ومسميات العاملين في المباحث الجنائية ممن يفترض بهم العمل في الظل، ففي كلا الحالتين نرى أن هناك من يتعمد تحقيق الشهرة والنجومية عن طريق ممارسته لوظيفة عامة، وأيضا لا يمكن إعفاء وزارة الداخلية من مسؤولية جرائم الاتجار بالبشر وانتشار تجار الإقامات، ومثلها أيضا ضلوع عسكريين في جرائم ترويج وتعاطي المخدرات وهتك العرض والرشوة، وجميعها بالمناسبة أخبار تنشرها الصحف إلى جانب أخبار «وحضر إلى موقع الحادث».

هناك فوضى حقيقية تشهدها مخافر الشرطة وبعضها تمارس فيه انتهاكات إنسانية وتعسف باستخدام السلطة، وفوضى في التحقيقات تضيع على إثرها الحقوق وتحفظ القضايا وتصدر أوامر الضبط والإحضار دون سند قانوني، بالإضافة إلى غياب هيبة رجل الأمن والدولة بمحاصرة واقتحام مخافر شرطة لإخراج محبوسين فيها للتحقيق على ذمة قضايا، وبعضهم تم إخراجه بالقوة، كما لا ننسى حادثة مخفر الفروانية الذي اقتحمه مسلحون استولوا على صندوق إحدى لجان الانتخابات الفرعية قبل عامين.

مؤلم جدا أن يُصعّد على وزير الداخلية بسبب ما جرى في مخفر سلوى، ويتغاضى الجميع عن خبر بقاء جثة مواطن تحت الشمس مدة ساعتين بعد أن قضى في حادث مروري مطلع الأسبوع لعدم معرفة المخفر الذي يتبع له موقع الحادث حتى يأمر المحقق برفع الجثة، أو بسب تجاوزات التجنيس، وتأخر إصدار جوازات السفر، والأزمة المرورية، فهي جميعها قضايا مستحقة وتقع ضمن مسؤولياته، فهل نشهدها على جدول أعمال لجنة التحقيق أو ضمن محاور الاستجواب المنتظر، أم سيكتفي النواب باستعراض عضلاتهم علينا وتمييع القضايا كما عودونا، رغبة منهم بتحقيق نجومية من فراغ.

على الهامش:

القارئ صبيح الصبيح أرسل توضيحا حول مقال الأسبوع الماضي «رحلة الأمم المتحدة» بيّن فيه أن أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد ترأس أربعة وفود للأمم المتحدة طوال 40 عاما، وبينها كالتالي:

الدورة 43 في 28/9/1988

الدورة 45 في 27/9/1990

الدورة 46 في 27/9/1991

الدورة 50 في 24/10/1995 التي شهدت احتفال المنظمة بالذكرى الخمسين لإنشائها.

back to top