الكبير أوي... استسهال أم لعب على المضمون؟
في «الإعادة إفادة»، حقيقةٌ تؤكّدها حلقات مسلسل «الكبير أوي»، فهي تجميع لمشاهد سابقة من أفلام أحمد مكي، معتمداً خلالها على التناقض بين الشخصيات التي سبق أن استهلكها في أعماله لانتزاع الضحك الذي استولى عليه منفرداً، إذ لا مجال لأي ممثل بجانبه لإلقاء الإفيهات.المسلسل، وهو البطولة التلفزيونية المطلقة الأولى لأحمد مكي بعد غياب طويل، مهدّد بالتوقّف بسبب إصابة مكي في قدمه والتي تستلزم علاجاً لأكثر من شهر، خصوصاً أن تصوير العمل لم يكتمل حتى الآن، فهل سيتوصّل المخرج الى حل درامي يظهر عبره مكي وقدمه في الجبيرة الجبسية، لا سيما أنه يؤدي في المسلسل شخصيتين، ما يعني أن هذا الحل لن يكون سهلاً، لأنه من غير المنطقي أن يتعرض لكسر في قدمه في التوقيت نفسه؟
يجسّد مكي في المسلسل شخصية «الكبير إوي»، أب قاسٍ يكشف عن سر خطير قبيل وفاته بلحظات وهو أنه تزوّج من سيدة أميركية في فترة شبابه وأنجب منها توأماً، وشخصية «جوني» الشاب الأميركي الذي يحضر الى مصر ليقتسم مع أخيه الميراث، فتشتعل الحرب بينهما.«الكبير أوي» نسخة مقلّدة من شخصية «الكبير» التي قدّمها مكي في فيلم «طير إنت»، أما «جوني» فيشبه شخصية «هيثم دبور» مع اختلاف الباروكة التي اشتهر بها مكي في فيلم «تامر وشوقية»، ومن بعده في أفلام عدة ، ما يعني أن مكي عاد بعد هذا الغياب بشخصيات قديمة تم تعديلها، ما يجعلنا نسأل: هل هو الإفلاس الذي دفعه الى إعادة تقديم ما سبق تقديمه، أم أنه استسهال ولعب على المضمون، بدليل أن المسلسل على رغم هذا كله يحقق نجاحاً كبيراً ويسجّل أعلى نسبة مشاهدة خصوصاً في ظل تراجع الأعمال الكوميدية الأخرى؟ الحلقات التي عُرضت حتى الآن اعتمدت عموماً على الإفيهات المكرّرة، فالصعيدي يتحدث باللغة الإنكليزية، فيما يتحدث الشاب الأميركاني بالطريقة الصعيدية ويتعرض لمواقف غريبة عليه تماماً، فيتعامل معها بطريقته الـ{كوول»، بالإضافة إلى «تيمة» تبديل الملابس القديمة والمكرّرة، فالصعيدي يرتدي ملابس الشاب الأميركي، بينما يرتدي الأخير الجلباب الصعيدي ليكون قريباً من أهل البلد، وهو الموقف الذي سبق وقدّمه مكي في فيلمه الأول «إتش دبور» حين فشل الشاب الـ{كوول» «إتش دبور» في إيجاد ملابس يرتديها في الحارة الشعبية، فاضطر الى ارتداء الجلباب فوق الإكسسوارات التي كان يرتديها مسبقاً.هذه كلّها إفيهات قديمة ومكرّرة قدّمها مكي سابقاً في «طير إنت» وتقبّلها الناس، لكن يبدو أن الجمهور ما زالت لديه الرغبة في سماع الكثير منها والتي يلقيها مكي يومياً في حلقات المسلسل.في «الكبير أوي» ظهور باهت لدنيا سمير غانم التي ضاعت ملامح شخصيتها وسط هذا الكم الكبير من الشخصيات والكاركترات، باختصار لم تضف إليها شخصية «هدية» شيئاً فهي لا تختلف كثيراً عن دور الصعيدية زوجة «الكبير» التي سبق وقدّمتها في «طير إنت»، الاختلاف الوحيد بين الشخصيتين أن الأولى كانت تعشق مهنّد فيما لا تعرفه الثانية، والحقيقة أن حتى هذا الاختلاف جاء بالصدفة ولم يكن مقصوداً، إذ عرضت أسرة المسلسل على مهنّد الحقيقي الظهور في أحداث المسلسل كضيف شرف لكنه رفض فتم الاستغناء عن المشهد برمّته.احتوى المسلسل على مواقف غير منطقية، منها مثلاً قصة الثأر ونجاح «جوني» في هزيمة خصمه على رغم أن الأخير لا يُقهر كما هو معروف عنه لدى أهل قريته وأن «جوني» تدرّب على فنون القتال في يومين فقط، فما الذي يجعل الشاب الأميركي «الرِوِش المرفّه» متمسكاً بالعمودية بهذا الشكل؟ ولماذا يسعى جاهداً الى خطف المنصب من شقيقه؟ وكيف استطاع التعرّف إلى مفاهيم أهل البلد بهذه السرعة، فيما عجز شقيقه الذي تربّى ووُلد فيها عن فهمها؟هذه الأسئلة كلّها لن تجد لها إجابات في الأحداث، كذلك ستكتشف أنك لا تعرف الكثير عن شخصية «جوني» ولا حتى عن شخصية «الكبير»، ولا إذا كانت والدتهما ما زالت على قيد الحياة، باختصار بطل الأحداث الحقيقي والهدف من هذا المسلسل هو الإفيه وتحقيق الكم الأكبر من الضحكات التي تؤكد مكانة بطل العمل على خارطة الأعمال الكوميدية من دون الاهتمام بقيمة العمل الفنية.