ربما أن كثيرين من الذين باتوا يتبوأون مراكز قيادية في هذه المنطقة لا يعرفون أن الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر نفسه، الذي تحول من صقر متوحش بمنقار حاد ومخالب جارحة إلى حمامة سلام وادعة، كان قد أمر، من موقعه في البيت الأبيض في بدايات ثمانينيات القرن الماضي، لتحرير رهائن السفارة الأميركية في طهران الذين احتجزهم فتيان الحرس الثوري ومن بينهم، كما يقال، محمود أحمدي نجاد، بغزو إيران وتحرير هؤلاء الرهائن بالقوة.

Ad

كان ذلك الغزو قد فشل فشلاً ذريعاً وابتلعته صحراء لوط، وكانت مروحيات مارينز البحرية الأميركية قد "ترادسْت" في الأجواء، وهي تحاول الهبوط على أرض هذه الصحراء وسط عواصف شديدة من الغبار، فتحول ذلك الغزو إلى كارثة للرئيس جيمي كارتر وللولايات المتحدة، وساد في وقتها ذلك المثل المعروف القائل: "من أوَّل غزواته كسر عصاته".

وقيل يومها إن سبب كارثة صحراء لوط هو عدم أهلية البحرية الأميركية، التي كانت خرجت من حرب فيتنام توّاً، لخوض معركة محمولة في قلب دولة كانت لا تزال تعاني الانهيار وتفكك الأوصال، لأن الثورة التي أنهت نظام رضا بهلوي وأطاحت بعرش الطاؤوس لم تكن قد باشرت بناء دولتها بعد، وقيل أيضاً إن الله عز وجل قد بعث ملائكته والطير الأبابيل لإسناد الإمام الخميني، فكانت النتيجة تلك النتيجة التي كانت بمنزلة لكمة للأنف الأميركي ولكارتر نفسه، وقيل إن الاتحاد السوفياتي الذي كان لايزال في ذروة صولجانه وقوته هو الذي قام بعمليات تعمية في مناطق هبوط المروحيات الأميركية، مما أدى إلى تصادمها وتحطمها وفشل غزو "اليانكي"، كما كان فشل غزو خليج الخنازير ضد الثورة الكوبية في نهايات خمسينيات القرن الماضي.

والمهم أن قادة المنظمات التي لم تكن قد تشكلت بعد أيام غزو صحراء لوط لا يعرفون أن كارتر هذا صاحب الابتسامة الملائكية كان قد حاول وأد ثورة الخميني وهي في مهدها، وأن ذلك الغزو لو أنه لم يفشل لكان تسبب في هلاك الأُلوف وربما عشرات الأُلوف، ولكان ذكر رئيس الولايات المتحدة الأسبق يثير الآن الرعب والهلع والقرف والإحساس بالغثيان.

إن هؤلاء الذين يهرعون إلى لثم جيمي كارتر، بائع الفستق السوداني الذي أصبح رئيساً للولايات المتحدة بضربة حظ بارعة، من الوريد إلى الوريد، ربما لا يعرفون هذه الحقائق، وربما لا يعرفون أن باراك أوباما يومها كان لا يزال طفلاً يتيماً لا يعرف من هو والده، ولا يعرف ما إذا كان مسلماً أو ينتسب إلى دين والدته المسيحية.