مجلس تعاون أم اتحاد ملكيات؟
فجأة ودون مقدمات أو إشعار أو حتى حوار مع شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، أعلن قادته الأسبوع الماضي نيتهم توسيع عضويته وضم مملكتين جديدتين إلى المجلس هما الأردن والمغرب، القرار احتار في تأويله السياسيون والإعلاميون والشعوب المعنية ، فلا يوجد له مقدمات ولا مسببات وجيهة، ولا مبرر له سوى ما استنتجه بعض المحللين السياسيين بأن أنظمة الدول الخليجية في حالة فزع من المتغيرات التي تحدث في الشرق الأوسط وغياب الدور المصري بعد الإطاحة بنظام حسني مبارك، ومحاولة إيران التنمر في المنطقة وتهديد دولها، بالإضافة الى الحركات الاحتجاجية الشعبية في البحرين وسلطنة عمان.
اندفاع الدول الخليجية إلى الدعوة إلى انضمام دول جديدة ذات خصوصية وموقع جغرافي وواقع جيوسياسي مختلف في هذا التوقيت، كشف مدى ارتباكها وحالة الخوف التي تعتريها، فانضمام المغرب أو الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي ليس أمراً واقعياً، وإن تحقق فسيكون بداية نهاية هذا المجلس، لأن طبيعة المجلس الخليجي وأغراض تأسيسه لا يمكن أن تمكّنه من التحول الى جامعة دول عربية بديلة أو اتحاد للملكيات العربية، خاصة في ظل وضعي الأردن والمغرب اللذين يشهدان حراكاً شعبياً لا تضمن بقاء شكل نظام الحكم فيهما على ما هو عليه اليوم، كما أن إمكان لعب المغرب دور مصر أو جزءاً منه أمر مستبعد لتطلع الرباط الدائم إلى البعد الأوروبي والشراكة مع دول البحر الأبيض المتوسط كأولوية، فضلاً عن موقعها الجغرافي على أقصى الجناح العربي- الغربي، وهو سر ردها الفاتر على دعوة مجلس التعاون الخليجي لها بالانضمام إليه ووضعها شروطاً بأن يكون انضمامها بعضوية كاملة، وما أعلنه بعض السياسيين المغاربة من خشيتهم التورط في مواجهة على بعد آلاف الكيلومترات مع إيران أو للدفاع عن أنظمة ملكية في حال ووجهت باحتجاجات شعبية، مشددين على أن القوات المسلحة المغربية لن تلعب أدوار المرتزقة.قرارات قمة مجلس التعاون الأخيرة تثبت مجدداً أنه مجلس قادة لم يتحول بعد إلى الحالة الشعبية، لأن قرارات مصيرية مثل توسعة العضوية تتطلب نقاشاً جماهيرياً ينتهي باستفتاء أو قياس توجهات الرأي العام على الأقل، لذلك فهي قرارات تعني أنظمة ولا تعني شعوباً، ولذلك ستظل إنجازات المجلس محدودة ودون الطموح، بينما وصفة تطور مجلس التعاون الخليجي وحماية أنظمة دول مجلس التعاون وشعوبها بسيطة ومفادها أن يثق الحكام بشعوبهم ويمنحوهم حقوق المواطنة الكاملة في المشاركة في القرار السياسي وحماية ثرواتهم والعدالة والمساواة، وحينها ستحميهم شعوبهم وتقاتل من أجل أوطانهم وبقاء أنظمة الحكم الملكية التي توفر لهم الحكم الرشيد والكرامة الإنسانية والحرية وعدالة توزيع الثروات، كما أن الإمكانات الخليجية المالية الضخمة تمكنها من خلق جيوش حديثة وقوية يثق بها الحكام ولا يخشون أن تنقلب عليهم، تكون من كل أبناء شعوبهم المتساوين في الحقوق والواجبات في دول مدنية دستورية عصرية، ودون ذلك فلا يمكن لاتحاد ملكيات يضم كل الأسر الحاكمة في العالم أن يضمن لأعضائه البقاء والاستقرار.