ويع بدون


نشر في 21-02-2011
آخر تحديث 21-02-2011 | 00:00
 علي محمود خاجه لنبتعد عن العنصرية المقيتة وشعار «ويع بدون» الذي أراه اليوم للأسف حتى ممن يدعي احترام حقوق الإنسان، ولنكن واضحين ومصارحين لأنفسنا قبل كل شيء، فلا يمكن أبدا اليوم أن نطرد 100 ألف إنسان من الكويت، ولا يمكن أيضا أن يعيش هذا العدد عيشة ضنكة دون أن يغضب أو يثور.

كم دولة سمعتم عنها في العالم متقدمة أو متخلفة لديها مشكلة تسمى بالبدون أو غير محددي الجنسية؟ شخصيا سمعت عن بعض الدول التي تحتوي مجتمعاتها لفترة زمنية قصيرة على مثل هذه المشكلة، لكنها ليست بظاهرة أو معضلة، على عكس الكويت التي تحولت بها هذه الفئة إلى مجتمع كامل بل قد يشكل دولة.

مصيبة فعلا أن يكون لدينا قانون ينظم الجنسية منذ خمسين عاما وأكثر ونواجه مأساة إنسانية شعارها «بدون».

نعم هناك من زوّر وألقى بجنسيته وتنازل عن هويته ليزاحم من يستحق فعلا، وكان ضحية لتعنت وجهل آبائه، وهو أمر طبيعي جدا، وحدث مرارا في الكويت، ولو عدنا بالزمن إلى تحرير الكويت لتذكر الكثيرون منّا كيف أن بعض الكويتيين ممن كانوا خارج الكويت في فترة الغزو عادوا سريعا إلى الكويت من أجل الحصول على 500 دينار منحتها الدولة للصامدين في الكويت حينذاك، ولو انتظرت الدولة أكثر في ذلك الوقت لحصل معظم تعداد الكويت على تلك الـ500، بحجة وجودهم في الكويت، فالشر دائما موجود وغير مرتبط بهوية أو جنسية.

لقد استغل بعض الأشرار القتل العمد لقضية البدون من الحكومات المتعاقبة على مدى خمسين عاما كاملة، أملا من هذا البعض الشرير أن يكون له من الطيب نصيب، فكانت النتيجة أن اختلط المستحق مع من لا يستحق، بل من الممكن أنهم تزاوجوا (لأن خياراتهم محدودة) وكوّنوا أجيالا جديدة منهم تتكاثر يوما بعد يوم، وهو أمر طبيعي في مجتمع تعمد عزلهم لتقتصر أعمالهم على حراسة مجمع تجاري ومخلصي معاملات للشركات.

المتهم اليوم، برأيي الخاص، ليس من تظاهروا يوم الجمعة ولا حتى ممارساتهم المرفوضة بالتخريب والضرب، بل المتهم الأساسي هو من عطّل حسم من يستحق الجنسية من عدمه طوال الخمسين عاما، فليس من المنطقي أبدا أن أحرم شخصا ما من العمل والدراسة والزواج كل أمور الحياة وأتوقع منه أن يكون أحمد زويل.

المفروض أن كل من دخل الكويت بعد قانون الجنسية تمتلك الدولة عليه مستندات تثبت هويته حتى إن طمسها لاحقا، وإن لم تملك الدولة ذلك فهي خطيئة عليها أن تتحمل عواقبها، فليس من المنطقي أبدا أن يذهب المستحق بجريرة غيره بسبب إهمال الحكومة.

وحتى من لا يستحق وألقى بجنسيته طمعا بالجنسية الكويتية يجب أن يعامل كإنسان، وإن كان مجرما أن يعاقب كإنسان أيضا، لقد فاق عدد غير محددي الحنسية الـ100 ألف إنسان بكل تأكيد، ولا يمكن أبدا أن يعيش هذا العدد بلا إنسانية على مر السنين.

لنبتعد عن العنصرية المقيتة وشعار «ويع بدون» الذي أراه اليوم للأسف حتى ممن يدعي احترام حقوق الإنسان، ولنكن واضحين ومصارحين لأنفسنا قبل كل شيء، فلا يمكن أبدا اليوم أن نطرد 100 ألف إنسان من الكويت، ولا يمكن أيضا أن يعيش هذا العدد عيشة ضنكة دون أن يغضب أو يثور.

وليتخيل كل منكم قبل أن يصدر أحكامه ماذا سيفعل من حرم من دراسته وعمله وحياته الاجتماعية، بل حرم أيضا من الخروج إلى أرض ثانية بحثا عن العيش الإنساني الكريم؟ ماذا سيصنع؟ وإلى أين سيكون الملجأ؟ فالبدون قنبلة ذرية مدمرة... وبتهاوننا نشعل فتيلها.

back to top