معاً لمحاربة العدو الحقيقي
إذا كان الإرهابيون في "القاعدة" يدسون مادة البنتا أريثريتول تيترانيترات (PETN) في الملابس الداخلية أو في الطرود، فيُفترض أن يعني ذلك أنهم لا يستطيعون الوصول إلى أبحاث بيولوجية متقدمة أو إلى العناصر المكونة للقنابل النووية، بل على العكس من ذلك، هم لايزالون يعتمدون على استهداف الطيران على نحوٍ غريب ويبقون بعيدين جداً عن العصر التكنولوجي الحديث.
![واشنطن بوست](https://www.aljarida.com/uploads/authors/862_1719164326.jpg)
بعبارةٍ أخرى، لا تُعتبر مادة «البنتا إريثريتول تيترانيترات» (PETN) سلاح دمار شامل، فهي قادرة على إسقاط طائرة لكنها لا تستطيع تدمير مدينة بأكملها، كما أن استعمالها يستلزم حصص تدريب عدة وخبرة واسعة، لكنه لا يتطلب شهادات متقدمة في الكيمياء أو الفيزياء. ولا يمكن بأي شكل اعتبار أن هذه المادة تعمل بشكل أوتوماتيكي عند حصول أي عطل، وهذا ما يُثبت رأيي في الموضوع: إذا كان الإرهابيون في «القاعدة» يدسون مادة البنتا إريثريتول تيترانيترات (PETN) في الملابس الداخلية أو في الطرود، فيُفترض أن يعني ذلك أنهم لا يستطيعون الوصول إلى أبحاث بيولوجية متقدمة أو إلى العناصر المكونة للقنابل النووية، بل على العكس من ذلك، هم لايزالون يعتمدون على استهداف الطيران على نحوٍ غريب ويبقون بعيدين جداً عن العصر التكنولوجي الحديث.لا شك أن أعمال «القاعدة» الأخيرة تطرح تهديداً جدياً، إذ يبقى الإرهاب الإسلامي الأصولي مصدر خطر كبيراً، ويبدو أن الإرهابيين المسؤولين عن هذه المحاولة الأخيرة يعمدون إلى اختراق نظام الطيران الدولي بحثاً عن أي نقاط ضعف في هذا المجال. قد ينجحون في ذلك يوماً ما، صحيح أنهم خطيرون ومتوحشون، إلا أن هذه الطرود المفخخة تثبت أن «القاعدة»، على الأقل تلك الموجودة في مخابئها النائية في شبه الجزيرة العربية، لا تطرح خطراً أمنياً كبيراً على وجود الولايات المتحدة. تتعدد المخاطر الجدية المطروحة حول العالم، فقد وصلت التكنولوجيا النووية إلى إيران، وكوريا الشمالية، وباكستان، وغيرها من البلدان، كذلك، أصبحت المواد الكيماوية المشعة متوافرة على نطاق واسع، وقد استعملها على الأرجح عملاء روس لتسميم العميل السابق في جهاز الاستخبارات الروسية، ألكسندر ليتفينينكو، في لندن، عام 2006، بالإضافة إلى وجود أشكال أخرى من الغاز السام. على صعيد آخر، قد يشير أحدث اكتشاف لفيروس الكمبيوتر الجديد «ستكس نت» (Stuxnet)، الذي صُمّم لاستهداف البنى التحتية المهمة، إلى بدء عصر الحرب الإلكترونية على الإنترنت. يتم منذ الآن صد مئات الهجمات المنظمة التي تستهدف أسبوعياً مواقع إلكترونية بالغة الأهمية في الولايات المتحدة وأوروبا، ويعود مصدر عدد كبير من هذه العمليات على ما يبدو إلى روسيا أو الصين.في هذا السياق، كتب ريتشارد كلارك، الذي كان يشغل سابقاً منصب برينان، أن الصين «قامت بشكل منهجي بكل ما يمكن أن يفعله أي بلد يفكر باكتساب القدرات اللازمة لخوض حرب إلكترونية عنيفة»، حتى لو كانت لا تنوي شن حرب مماثلة في الوقت الحاضر.لا داعي لأن تثير هذه المعطيات الخوف في نفوس الناس، لكن لابد من توسيع أفق التفكير في الجدل الذي سيحتدم حتماً بشأن «القاعدة» واليمن وأمن المطارات والشحنات بعد انتهاء انتخابات منتصف الولاية التي تُجرى هذا الأسبوع. إذا كان دس «البنتا إريثريتول تيترانيترات» (PETN)، وهي مادة متفجرة يعود ابتكارها إلى القرن التاسع عشر، في خراطيش الحبر هو أفضل ما يمكن أن تفعله خلايا «القاعدة» المتبقية، فربما سبق أن نجحنا فعلاً- أكثر مما ندرك عادةً- في التقليل من شأن هذا الخطر الإرهابي على وجه التحديد. يجب أن نواصل دعمنا للأجهزة الأمنية وخبراء مكافحة الإرهاب الذين منعوا وقوع هذه المأساة ولا شك أنهم سيمنعون حوادث أخرى مماثلة. لكن يجب ألا نبالغ في التركيز العلني على خطر «القاعدة» الذي يشكل محور المساعي الدبلوماسية والتمويل الحكومي ونتناسى بالتالي التحديات المستقبلية الأكثر تعقيداً وخطورة.* آن أبلبوم | Anne Applebaum