في المؤتمر الخامس للرواية العربية الذي أُقيم كعادته في القاهرة ما بين 12 و15 ديسمبر الجاري، والذي تم فيه طرح عدة محاور للبحث والتحاور والنقاش فيها، ومنها: الرواية وقضايا التجريب، والرواية ووسائط الاتصال الحديثة، وآفاق الحرية والنوع، والرواية ووسائط الاتصال الحديثة، والرواية وثقافة الصورة، والرواية ومشكلات التلقي والنشر، والرواية والتطور التكنولوجي، والهويات الروائية المزدوجة، وتصاعد حضور كتابة المرأة، والشكل الروائي المفتوح وأسئلة المستقبل، وفي الموائد المستديرة طرحت للنقاش: رواية المستقبل، ورواية الخيال العلمي، والرواية بوصفها حرية بديلة، والتجمعات الروائية، والطاهر وطار.

Ad

من هذه المحاور اخترت أن أكتب في الرواية وقضايا التجريب، ذلك لأني منذ بداياتي الأولى كنت في حقل التجريب، سواء في الشعر أو المسرح أو الرواية. والتجريب لا يلغي أساسيات كتابة الفن الروائي، لكنه يجدد فيها، ويحاول منحها طعما وذائقة جديدة حداثية مع احتفاظه بجماليات الفن الرئيسية.

وكانت مشاركتي الثانية في المائدة المستديرة حول الرواية بوصفها حرية بديلة، وقد قسم هذا المحور على فترتين صباحية ومسائية، والذين شاركوا في ندوة الصباح استنكروا أن يُطلق هذا المسمى على الرواية، وطالبوا بتغييره إلى الرواية كحرية وليست بديلة، وفي الندوة المسائية طالبت بأن يبقى العنوان كما هو لأن الرواية هي بالفعل حرية بديلة لنا ككتاب حين لا نستطيع أن نقول كل ما نود أن نقوله ونحكيه بشكل سافر واضح، ومن هنا تأتي الرواية وعبر شخصياتها التي لا تدان لأنها ليست نحن بل شخصيات متخيلة على ورق تحمل عنا كل أوزارنا أو كل ما نريد طرحه وقوله في كل القضايا والأوضاع التي نعيشها، والتي قد ندان ونعاقب لو طُرِحت باسمنا، هنا تأتي الرواية كدرع تحمي كاتبها من فعل العقاب والتأنيب، خاصة في المجتمعات المغلقة والمتطرفة والبوليسية وغيرها.

الفن والكتابة هما منذ الأزل يمثلان حرية بديلة، فمثلاً حكايات ألف ليلة وليلة كانت حرية بديلة لمؤلفها، فقد كتب كل ما يريد قوله من دون خوف، لأنه حمل كتاباته على ظهور شخصياته المتخيلة التي عملت وفعلت كل ما يريد قوله وفعله.

وكانت لي مداخلة حول الرواية وثقافة الصورة التي هي أيضاً محور مهم جداً في الرواية الحديثة التي تداخلت فيها الصور بكل أنواعها، مثل الصور الشعرية والصور السينمائية والمسرحية والتشكيلية والنحتية والمتخيلة إلخ... وسوف أكتب مقالاً حول الرواية وثقافة الصورة، لأنه موضوع يستحق التوضيح والإنارة.

حقيقة كانت أغلب محاور المؤتمر مهمة ومتنوعة وحيوية بالرغم من أنها تتم في ثلاثة أيام مكثفة، بالإضافة إلى يوم الافتتاح ويوم الختام الذي يُعلَن فيه اسم المكرم في الرواية العربية، والتي فاز بها الروائي إبراهيم الكوني الذي استحقها عن جدارة.

ولعل أجمل الأوقات وأحلاها هي اللقاءات الجانبية التي تدور في كافتريا المجلس الأعلى، أو في ردهات الفندق ما بين الروائيين والنقاد الأصدقاء القادمين من كل الوطن العربي، والذين يصعب التقاؤهم وتجمعهم إلا كل حين وحين.

أسبوع يهرول في غمضة عين ويملأ العقل والروح والقلب بالمعرفة والمحبة والفرح، والذي يُشرف على حسن إدارته ورعايته كل هؤلاء الشباب العاملين بكل انتباه وبكل دقة وبرعاية تامة لكل ضيوف المجلس مع كثرتهم واختلاف أوقات وصولهم وسفرهم ومواعيد ندواتهم.

شكراً لكل هؤلاء العاملين بكل محبة وتفانٍ بالرغم من الجهد الكبير.