إلا الدستور
نشد على أيدي كتلة «إلا الدستور» التي أعلن قيامها عدد غير قليل من النواب الممثلين للاتجاهات السياسية كافة من أجل الدفاع عن الدستور، إذ إن ذلك يعتبر انتصارا جديدا للدستور، نأمل أن يستمر ويتجذر من أجل تطوير نظامنا الديمقراطي ويكون دفاعا شاملا عن مواد الدستور كافة التي لايزال بعضها ينتهك جهارا نهارا.
نعم إلا الدستور، إذ إنه بات من الواضح، كما سبق أن أشار الزميل عبداللطيف الدعيج، أنه بمجرد أن يبدأ مجلس الأمة بمناقشة طلب النيابة العامة برفع الحصانة عن النائب د.فيصل المسلم فإنه بذلك قد شرع في تعديل الدستور بشكل غير دستوري لمخالفته نص المادة 174 من الدستور التي تحدد الطريقة الدستورية التي من الممكن أن يتم من خلالها تنقيح الدستور، وهنا مكمن الخطورة التي نبهنا إليها أكثر من مرة، وهي أن هناك من يحاول أن يستخدم "قفازات الحرير" لنسف الدستور بعد أن فشلت المحاولات السافرة التي جرت في الماضي.واضح إذن أن القضية ليست، كما يروج البعض بحسن نية، عبارة عن طلب عادي مقدم من النيابة لرفع الحصانة عن نائب وهو الأمر الذي يبت فيه المجلس باستمرار، إذ سبق أن رفعت الحصانة عن عدد من النواب بمن فيهم النائب د.فيصل المسلم الذي سبق أن رفعت عنه الحصانة أكثر من مرة كان أحدها يتعلق بشكوى تتعلق بحديثه عن شبهات الفساد في مصروفات مكتب سمو رئيس مجلس الوزراء، بل إن المسألة تتعدى رفع الحصانة العادي الذي تحكمه المادة 111 من الدستور لتصل إلى عملية تعديل الدستور ذاته. لذا فقد كان الأحرى بالحكومة، لاسيما وهي تكرر على مسامعنا باستمرار أنها حريصة على الالتزام بالدستور، ألا تحول الطلب من الأساس لمجلس الأمة لأنه طلب غير دستوري، كما كان من المفترض أن يرفض رئيس مجلس الأمة من حيث المبدأ استلام الطلب من الحكومة لمخالفته الصريحة لنصوص المواد 108 و110 و111 من الدستور.
من ناحية أخرى فإنه بات من الواضح أيضا تعمد الحكومة وبعض النواب المؤيدين لها، لاسيما بعد فشلهم في الحصول على الأغلبية، إلى عدم حضور جلسات مجلس الأمة حتى تفقد النصاب المطلوب لعقدها تحت تأثير وهم أن ذلك سيؤدي إلى انتهاء المدة اللائحية لطلب رفع الحصانة عن النائب د.فيصل المسلم، وهو ما يعتبر بمنزل إذن للنيابة، مع أن ذلك مجرد وهم كبير، إذ إن حصانة النائب د.فيصل المسلم لا تسقط بانقضاء شهر على تاريخ وصول الطلب للمجلس، وذلك لتعارض الطلب من حيث المبدأ وبشكل صارخ مع المواد الدستورية. من هنا فإنه يتضح بما لا يدع مجالا للشك أن الأمر لا يتعلق بالرغبة الحكومية في تعديل الدستور بطرق غير دستورية فحسب، بل إن هنالك استهدافا حكوميا للنائب د.فيصل المسلم بسبب ممارسته لدوره الدستوري وهو أمر غاية في الخطورة ينسف ادعاء الحكومة بأن مسطرتها هي الدستور. لذلك فإننا نشد على أيدي كتلة "إلا الدستور" التي أعلن قيامها عدد غير قليل من النواب الممثلين للاتجاهات السياسية كافة من أجل الدفاع عن الدستور، إذ إن ذلك يعتبر انتصارا جديدا للدستور، نأمل أن يستمر ويتجذر من أجل تطوير نظامنا الديمقراطي ويكون دفاعا شاملا عن مواد الدستور كافة التي لايزال بعضها ينتهك جهارا نهارا، سواء من قبل بعض النواب بمن فيهم بعض أعضاء "إلا الدستور" أو من قبل الحكومة، خصوصاً المواد الواردة في الباب الثالث من الدستور. من جهة أخرى فإننا نأمل أن تتراجع الحكومة سريعا عن المضي في مخالفة الدستور وتستجيب على الفور للمطالب الدستورية التي عبر عنها بيان كتلة "إلا الدستور" حتى لا تدخل البلاد في أزمة سياسية جديدة هي في غني عنها.