في العديد من الدول والمجتمعات تتزامن مواسم الأعياد والمناسبات مع مهرجانات التسوق وعروض التخفيضات للسلع والبضائع، خصوصاً ما يرتبط منها بذات المناسبة، إلا في الكويت حيث نجد أبشع أشكال الاستغلال والجشع لتعكر أجواء الفرح التي ينتظرها الناس، ومع ذلك يتهمنا البعض بأننا نحمي ونرسخ الاقتصاد الاشتراكي!

Ad

والمفارقة العجيبة أن مؤشرات السوق في الأغلب تعتمد على العرض والطلب، والمناسبات الموسمية عادة تشهد معدلات عالية وفوق الطبيعية للسلع والبضائع التي تدخل البلد في مثل هذه المناسبات وفقاً لإحصاءات وزارة التجارة ووزارة التخطيط، بمعنى تزداد نسب الاستيراد وبشكل ملحوظ، ومثل هذا المؤشر يفترض وتبعاً لأبسط مبادئ حركة السوق أن يؤدي إلى نزول الأسعار أو استقرارها على أضعف الإيمان.

نعم... نحن دولة مستوردة لكل احتياجاتها تقريباً وفي المقابل لدينا نهم استهلاكي مفرط، ولكن هذا ليس مدعاة للزيادة الجنونية للأسعار، فمن يرتاد الأسواق على نوعياتها ومستوياتها المختلفة من حيث جودة المصنعية خلال مواسم مثل شهر رمضان وافتتاح المدارس وعيد الأضحى يجدها غارقة بأصناف البضائع، وفي نفس الوقت أسعارها غير طبيعية من حيث الغلاء وبشكل فاحش!

ومثل هذه المواسم بالتأكيد تشكل هاجساً مزعجاً لأرباب الأسر، وتحول فرحتهم إلى قلق، ولعل الكثير من الناس يتجاوزون أعباء أعيادهم بترحيل تكاليفها إلى المستقبل، خصوصاً من خلال الاقتراض، ولسنا بحاجة إلى الاستدلال على ذلك بعد التجربة الأخيرة التي شهدناها هذه السنة فقط بدءاً بشهر رمضان وعيد الفطر ثم افتتاح المدارس وأخيراً عيد الأضحى حيث وصلت أسعار الأضاحي إلى مئة دينار!

ومن المؤسف أن نجد الحكومة ووزارة التجارة على وجه الخصوص تقف موقف المتفرج أمام هذا الجشع المتعمد في وقت تتزامن أنواع عدة من المشاكل المالية التي تعانيها الأسر أساساً، حيث الشباب ملتزمون بدفع إيجارات شققهم بانتظار السكن الحكومي، والمتقاعد أصبح مسؤولاً للاستمرار في تكفل نفقة أبنائه حتى بعد تخرجهم بانتظار طابور التوظيف الطويل، والكثير من الناس باتوا يلجؤون إلى العيادات والمدارس الخاصة بسبب تراجع مستوى الخدمة في هذين القطاعين، وأخيراً فإن معظم الأسر غارق في القروض وفوائدها الجائرة!

وقانون منع الاحتكار الصادر قبل أكثر من ثلاث سنوات، وصدرت لائحته التنفيذية قبل أكثر من سنة لايزال حبراً على ورق، وبدلاً من تفعيله كاستحقاق دستوري وتشريعي وبما أنه يصب في مصلحة عامة الناس، فإن السيد وزير التجارة والصناعة بصدد نسفه من خلال تقديم تعديلات جوهرية عليه، والضبطيات القضائية وملاحقة التجار المضاربين في الأسعار وبائعي اللحوم الفاسدة وغير ذلك من الضوابط التي من شأنها تخفيف بعض العبء عن كاهل المواطن، يبدو أنها خارج نطاق تغطية الوزير الذي كما هي الحال مع بعض الوزراء لا يتحركون لممارسة صلاحياتهم ومسؤولياتهم إلا بعد ملاحقتهم بأدوات التهديد والمساءلة السياسية.

وهذا كله كوم وبشارة الحكومة بفرض ضرائب على دخل المواطن كومٌ آخر، فمع كل المشاكل المالية التي تؤرق كل أسرة كويتية يطل علينا السيد وزير المالية، وكعادته غير الموفقة في التعبير والتوقيت، ليشهر سكيناً آخر لنحر المواطن بدلاً من خروف العيد!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة