إلى «الداخلية» مع التحية:

«يبدو أن وزارة الداخلية لا «تترقع» من جراء الأخطاء القاتلة التي تقع فيها بشكل مستمر للخروج من فضيحة قتل المواطن محمد الميموني تحت التعذيب على الرغم من حجم الدفاع السياسي لها؛ سواء من جانب السلطة التنفيذية أو من قبل عدد كبير من أعضاء مجلس الأمة.

Ad

فمن جهة جُمدت استقالة الوزير من قبل مجلس الوزراء إلى حين الانتهاء من التحقيقات الإدارية والأمنية، كما «فرمل» النواب المساءلة السياسية للوزير أيضاً بعدما باشرت لجنة التحقيق البرلمانية عملها، والمفترض أن ينتهي عملها خلال أسبوعين فقط من تشكيلتها.

وعلى ضفتي المعادلة السياسية كانت مثل هذه الإجراءات كفيلة، بالدرجة الأولى والأهم على الإطلاق، بالبحث عن الحقيقة كاملة في ملابسات قتل مواطن بريء وبشكل وحشي، إضافة إلى تشويه سمعته في تهمة مخلة بالشرف والأمانة، وهي الاتجار بالخمور وعدم السماح له بالدفاع عن نفسه منها، ناهيك عن المفاجآت ذات الوزن الثقيل التي وضعت حتى التهمة المذكورة محل شك؛ واحتمالية التلفيق المتعمد كتبرير لجريمة مقتله، إضافة إلى الانتصار لمظلوميته ودمه متى ما ثبت ذلك بشقيه الجنائي والسياسي.

ومن هذا المنطلق كنت من المؤيدين بقوة مع التمهل حتى انتهاء التحقيقات، وفي مقدمتها التحقيق البرلماني بدلاً من الاستعجال بالاستجواب حتى لا يتحول من جديد إلى مادة دسمة للتجاذبات السياسية بين معسكرين؛ قد يكون الموقف المسبق عند بعض أعضائها جاهزاً لمعركة أخرى، ومن أجل عدم إعطاء أي مبررات للطرف المناصر للحكومة هذه المرة للادعاء بعدم احترام قرار المجلس في تشكيل لجنة التحقيق وإعطائها فرصة العمل.

ولكن... ومرة أخرى تقع وزارة الداخلية في أخطاء جسيمة ومتناقضة من شأنها قلب «الطاسة» عليها هذه المرة وبقوة، فمن جهة صدرت بعض القرارات ولعلها من الوزير مباشرة بشأن تعيينات في مناصب مهمة يُشم منها رائحة التنفيع أو التأثير في قرار اللجنة لوجود صلة قرابة لبعض أعضائها، إضافة إلى إبعاد «شهود ملك» على واقعة التعذيب حتى الموت، الأمر الذي يعد بمنزلة التحايل وإخفاء معلومات مهمة عن لجنة التحقيق، ناهيك عن تلكؤ بعض الشهود من القيادات الأمنية للمثول أمامها، ومثل هذه المستجدات بالتأكيد تكون إضعافاً لموقف الوزير وبشكل كبير.

وعلى النقيض تماماً من محاولات البعض في وزارة الداخلية للتغطية على نفر من ضباطها ومنتسبيها من المتورطين في مقتل مواطن تحت التعذيب وحتى الرمق الأخير، ولو عبر بيانات رسمية ملفقة ومحرفة، نجد نفس الوزارة تطعن أحد رجالاتها من كبار الضباط في الظهر؛ لما تعرض له في أثناء قيامه بالواجب وفي مكتبه وكسب حكماً قضائياً نهائياً لمصلحته، الأمر الذي دفع كبرياءه للاستقالة.

فاللواء كامل العوضي- الذي نتمنى عدم قبول طلب إحالته إلى التقاعد وإنما عودته إلى عمله وتكريمه بما يستحقه- مورست عليه ضغوط عالية المستوى لعدم التنازل عن قضيته في المحكمة في بداية الأمر، ولكن نفس المسؤولين الكبار أداروا له ظهر المجن في النهاية.

وهذه بعض تناقضات «الداخلية» في عهد الإصلاح المزعوم والتطهير المرتقب، ولكن يبقى أننا لا نعمم أخطاء الشواذ على المخلصين والأخيار من ضباطها وأفرادها الذين ائتمناهم على بلدنا وأهلنا فلهم منا كل تحية واحترام!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة