رغم تأخره أكثر من عام في اعتماد ترشيح المجلس الأعلى للقضاء بتعيين المستشار فيصل المرشد نائبا لرئيس محكمة التمييز، والمستشار راشد الشراح رئيسا لمحكمة الاستئناف والمستشار محمد بوهندي نائبا لرئيس محكمة الاستئناف، فإن قرار مجلس الوزراء جاء في حينه، وقبل أن يرحل المستشار فيصل المرشد، الذي أجزم أننا كنا سنندم إذا خسرنا رجلا مثله له قدرته وحنكته في إدارة السلطة القضائية، وهو بلا منازع رجل المرحلة المقبلة لقيادة السلطة القضائية والعبور بها تحديات كبيرة تتعلق بتحقيق العدالة المنشودة والنهوض بأداء السلطة القضائية وتحقيق متطلباتها.

Ad

وبقدر ما يعكسه قرار تعيين المستشار المرشد في منصب نائب رئيس محكمة التمييز الذي قد يكون مقدمة حقيقية لتعيينه رئيسا لمحكمة التمييز ورئيسا للمجلس الأعلى للقضاء خلفا للمستشار يوسف الرشيد والذي تنتهي ولايته في 30 سبتمبر المقبل، فإن القضاء الكويتي يعيش الآن مرحلة منتصف الطريق في الحصول على مطالبه وحقوقه، فلا هو متراجع كالفترة السابقة التي سبقت حصوله على جزء من مطالبه، ولا هو متقدم وحصل على كل مطالبه، والسبب في رأيي يتمثل في عدم فصل السلطة التنفيذية عن السلطة القضائية إداريا وماليا، وقد يكون للمرشد دور في دفع هذا الملف، فلا يمكن للقضاء الكويتي بعد 50 عاما أن يظل تابعا إداريا وماليا للسلطة التنفيذية، ولا يمكن للقضاء أن يظل خاضعا لقرارات وزارية يصدرها وزير تابع للسلطة التنفيذية، ولا يمكن أن يبقى في عضوية المجلس الأعلى للقضاء وكيل تابع لوزارة العدل يصوت على قرارات تهم السلطة القضائية، قد يعترض وقد يتحفظ وقد يعرقل عمل مجلس القضاء، وهو ليس عضوا في الجسم القضائي!

برأيي أن القضاء الكويتي يعيش الآن مرحلة منتصف الطريق والتقاط الأنفاس لجيل انتهى وجيل سيبدأ مرحلة القيادة، فالرئاسات السابقة كانت من المدرسة السابقة، مدرسة المستشارين، المغفور له محمد الرفاعي وعبدالله العيسى وراشد الحماد ويوسف الرشيد وكاظم المزيدي وصالح الحريتي والمرحوم حمود الرومي، وأحمد بوطيبان وآخر أعضاء هذه المدرسة وعاشرهم فيها هو المستشار فيصل المرشد الذي تربى في هذه المدرسة وتعلم عاداتها وتقاليدها، وهو الآن برأيي حريص على أمرين: هما الحفاظ على هيبة السلطة القضائية ورفعة أداء السلطة القضائية، وهي مهمة يتعين على المرشد تحقيقها لأنه سيكون ملزما بتهيئة رئيس المجلس الأعلى للقضاء من بعده وهي مهمة شاقة في تحقيقها، وخصوصا أن المستشار المرشد سيبقى في منصبه الجديد الذي قد يتولاه في الأول من أكتوبر المقبل لما يزيد على 10 سنوات.

بينما الأمر الآخر الذي يتعين على المرشد إنجازه هو تحقيق الشعور العام لدى العاملين في السلطة القضائية بأنه أحدث تغييرات بالفعل حقيقية على صعد النيابة العامة والمحكمة الكلية والاستئناف والتمييز والتنفيذ، وكل جهاز من تلك الأجهزة في حاجة إلى إعادة هيكلة حقيقية ورؤية جديدة لها هذا من جانب، بينما الجانب الآخر الذي يتعين تحقيقه هو رفع كفاءة القاضي سواء الكويتي بتنمية مهاراته في الكتابة أو إدارة الجلسات أو حتى الوافد بالتشدد في شروط الإعارة والاختيار وهي أمور إن تمت فإن المرشد يكون قد كسب رهان الجميع.

ما يجعلني متفائلا بالمرشد أنه أكثر الرؤساء تلمسا لواقع القضاء وأكثرهم حدة وقتالا على تحقيق مطالب رجاله وصراحة في الدفاع عن قضايا السلطة القضائية، وما أتمناه في عمله المقبل أن يكون الأكثر إنجازا وتغييرا في شكل ومضمون السلطة القضائية بمهارته وبتعاون أعضاء السلطة القضائية معه، ولا يمكن الا ان نقول معه إن التركة التي أمامه ثقيلة، لكني أجزم أنه سيدق مطرقة العدالة في وجه كل قصور وضعف في سبيل تحقيق الإصلاح والنهوض بأداء السلطة القضائية.