هل هناك أسوأ من هذا الوضع العربي...؟ فاللبنانيون، والمقصود الأحزاب والتيارات والكتل والتكتلات وليس هذا الشعب المبدع العظيم، كلٌّ يغرس رأس خنجره في خاصرة شقيقه، والفلسطينيون يواصلون مبارزة تبادل شدّ شعر رؤوس بعضهم بعضاً، والسودان أصبح أو يكاد يصبح سودانين، وفي المغرب العربي لاتزال جمرة "البوليزاريو" تتقد تحت رماد العلاقات المغربية – الجزائرية، وتسمم العلاقات بين دولتين شقيقتين متداخلتين جغرافياً وسكانياً.

Ad

أما في العراق فحدث ولا حرج فاتفاقات اللملمة توقع ولا تنفذ، والدولة التي على أرضها تعملقت الدولة العباسية العظيمة غدت تحسب على أساس إقطاعية السنة وإقطاعية الشيعة وإقطاعية نوري المالكي وإقطاعية أياد علاوي، وأيضاً إقطاعية مقتدى الصدر وإقطاعية عمار الحكيم، وكل هذا ومؤامرة "تطفيش" المسيحيين مستمرة، والذبح اليومي متواصل من البصرة حتى الموصل.

وفي مصر "أم الدنيا"، التي هي رافعة الوطن العربي والأمة العربية، يستقبل الإخوان المسلمون الانتخابات التشريعية، التي غدت على الأبواب، بحملة مسعورة فعلاً على حسني مبارك ونظامه، وكأن المطلوب أن يبادر الرئيس المصري إلى حلَّ حزبه وتسليم كل شيء لهذه "الجماعة"، التي منذ إنشائها في عام 1928 لم تطرح برنامجاً متماسكاً لحل المشاكل المتفاقمة والمتراكمة، واكتفت بشعار "الإسلام هو الحل" دون أن توضح كيفية ترجمة هذا الشعار على أرض الواقع، والتي أهدت إلى المصريين ظاهرة العنف التي لم يعرفها شعب النيل من قبل على مدى تاريخه الطويل.

وهناك في اليمن السعيد مشكلة الحراك الجنوبي ومشكلة الحوثيين، التي ما إن تختفي حتى تظهر مرة أخرى، وهناك في الجزائر يواصل الإرهاب تدمير إنجازات شعب كانت ثورته لاستعادة الاستقلال والسيادة الوطنية واحدة من أهم معالم القرن العشرين، وهناك في دول عربية أخرى (لا ضرورة لتسميتها) من لايزال حائراً في تحديد هويته القومية، وهناك من يُغرد مع العرب ويبيض في أعشاش غيرهم.

كل هذا وبينما "حماس" تشْتم "فتح" صبحاً ومساءً، و"فتح" تواصل اتهاماتها لـ"حماس"، و"الجهاد الإسلامي" تدْخل على الخط يومياً لتقول إن "سلطة عباس" مارقة ومفرَّطة، فإن الإسرائيليين يتغنون في ابتلاع الأرض وفي ابتزاز الأميركيين ومعهم العالم كله... "أو يا يا ويل إللَّي إيعادينا... صَحْ يا رْجال"!